الثورة – ترجمة ختام أحمد:
اختتمت الإدارة الإيرانية الجديدة مراجعتها الداخلية المطولة حول استراتيجيتها الجديدة فيما يخص محادثات فيينا النووية، لإيجاد حلول عملية للمأزق الحالي في إحياء اتفاقية 2015.
على الرغم من أن إيران والولايات المتحدة متشككتان للغاية بشأن نية الطرف الآخر وجديته تجاه استعادة الاتفاق النووي، فلا يوجد بديل أفضل وقابل للتطبيق من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) لحل برنامج إيران النووي.
وبموجب الاتفاق، فككت إيران الكثير من برنامجها النووي ومنحت المفتشين الدوليين بشكل دائم وصولاً واسع النطاق إلى منشآتها مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية.
انسحب الرئيس دونالد ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2018 بزعم إعادة التفاوض على “صفقة أفضل”. وبعد عام واحد من إعادة واشنطن فرض عقوبات أحادية الجانب بدأت إيران في تقليص التزاماتها تدريجياً بموجب الاتفاق، وطوّرت قدراتها النووية إلى ما بعد 2015.
يجب على إدارة بايدن إعطاء الأولوية لجهودها لاستعادة الصفقة لتعزيز الأمن الدولي والإقليمي. حيث كان الملف النووي الإيراني هو الحالة الوحيدة من بين الخلافات المختلفة بين إيران والغرب، ولاتزال لديها القدرة على التوصل إلى توافق بين جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كما تود إيران أن تحل القضية سلميا، مع الحفاظ على حقوقها الدولية في برنامج نووي مدني على أساس معاهدة عدم الانتشار، بحيث تدفع إيران أقل تكلفة لتأمين حقوقها.
في هذا الصدد، أثبتت خطة العمل الشاملة المشتركة بالفعل أنها ترضي جميع الأطراف على المدى الطويل. على سبيل المثال، وفقاً للاتفاق في حالة استعادته ستنظر جميع الأطراف في غضون عامين تقريباً في “اليوم الانتقالي”، والذي سيؤدي إلى قيام الأمم المتحدة برفع القيود المفروضة على الصواريخ، وينهي الاتحاد الأوروبي جميع العقوبات النووية المتبقية، وتسعى الولايات المتحدة إلى الإنهاء التشريعي أو تعديل بعض العقوبات، والأهم من ذلك، تسعى إيران للحصول على تصديق دائم على البروتوكول الإضافي في البرلمان الإيراني.
بموجب البروتوكول الإضافي وآليات المراقبة القوية الأخرى المحددة بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA)، مُنحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حقوقًا موسعة للوصول إلى المعلومات والمواقع في إيران على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وهذا يمكن الوكالة من الحصول على صورة أكمل بكثير لبرنامج إيران النووي وخطتها وحيازة وتجارة المواد النووية.
ويزيد البروتوكول الإضافي من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إجراء عمليات التفتيش في المواقع والأنشطة النووية في إيران في غضون مهلة قصيرة لتوفير مزيد من التأكيد على الطبيعة السلمية الحصرية لبرنامج إيران النووي.
إدارة أوباما نظرت إلى الاتفاق النووي مع إيران كخطوة أولى في فتح الباب أمام قضايا خلافية أخرى، مثل الصواريخ الإيرانية والقدرات العسكرية وتأثير إيران وحلفائها في منطقة غرب آسيا والخليج العربي.
كان الهدف الأمريكي الذي ظل كما هو في ظل إدارات أوباما وترامب وبايدن، هو إجراء محادثات أمنية إقليمية شاملة مع إيران، ومع ذلك تبنت كل إدارة تكتيكات مختلفة، فعلى سبيل المثال، اتخذت إدارة ترامب الفاشلة نهج أحادي الجانب، على عكس التعددية التي تبنتها إدارة أوباما.
رفضت إيران دعوة إدارة ترامب لإجراء محادثات شاملة مع إيران، بما في ذلك المفاوضات النووية والمحادثات الأمنية الإقليمية، لأن الخطوة الأولى للوصول إلى مفاوضات شاملة هي حل القضية النووية، والتي ستفتح بعد ذلك الطريق لبناء تفاهمات ومصالح متبادلة. تريد الولايات المتحدة، بغض النظر عن الإدارة والانتماء الحزبي، تحويل مواردها الأمنية إلى شرق آسيا، فالصين هي القوة العالمية الصاعدة الوحيدة التي أصبحت الآن منافساً جاداً للولايات المتحدة في الجوانب الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية وستصبح ” منافساً نظيراً ” في العقود القادمة.
في الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة على حروبها التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط ونفقاتها العسكرية في جميع أنحاء العالم، دفع النمو الاقتصادي الهائل للصين معظم المحللين إلى اعتبار الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم خلال العقد المقبل.
إذا فشلت المفاوضات حول استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، يمكن افتراض أن الأنشطة النووية الإيرانية ستتوسع، وستقلص إيران بشكل كبير تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ويمكن لإيران أن تتشدد في مجالات أخرى، في هذا السيناريو، ليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة لديها القدرة على تشديد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، بالفعل بأقصى طاقتها.
إن تصعيد العقوبات ضد إيران ليس خيارا سهلاً وقابل للتطبيق حالياً لأن قدرة الولايات المتحدة على فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران وصلت منذ فترة طويلة إلى ذروتها. وقال روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي لترامب هذا الكلام في تشرين الأول الماضي: “إحدى المشاكل التي نواجهها مع كل من إيران وروسيا هي أن لدينا الكثير من العقوبات المفروضة على تلك الدول في الوقت الحالي بحيث لا يتبقى لنا الكثير للقيام به”.
أحد أسباب عدم نجاح خطة العمل الشاملة المشتركة هو أن إدارة أوباما لم يكن لديها سوى عام واحد لتقوية أسسها. وكان على الرئيس أوباما أن يتعامل مع شبكة متشابكة من لوائح العقوبات ضد إيران، والتي تراكمت على مدى عقود من خلال مشاريع قوانين للكونغرس وأوامر تنفيذية رئاسية.
إذا كانت إدارة بايدن تسعى للبناء على الاتفاق النووي لإجراء مزيد من المحادثات، وهذا يعني الأمن الإقليمي، فيجب على الإدارة إعادة الدخول وعلى الفور، إلى خطة العمل الشاملة المشتركة والسماح لإيران بالحصول على منفعتها المشروعة منها، فسيكون أمام بايدن ثلاث سنوات أخرى قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024 لإيجاد ثقة متبادلة بين إيران والولايات المتحدة، قد يكون القادة الإيرانيون مستعدين على الأرجح لقبول اتفاقية شاملة جديدة مع الغرب.
Responsible Statecraft