يبدو أن أغنية “وين الملايين” تجد صداها في تطبيق وين المُعتمد في طلب السكر والزيت والرز والمياه والشاي، فمع توزيع كل دفعة تُفاجأ بطلب تحديث البرنامج قبل أن تبدأ بطلب المخصصات، وهنا تنشط الزيارات بين الجيران ويذهب كبار السن لزيارة الشباب للاستعانة بهم لتحميل البرنامج الجديد وين، وقد تطول الزيارات كثيراً مع ضعف الشبكة وغياب الكهرباء واستمرار حلقة التحميل بالدوران.
غريب هذا الأمر، هل هناك ضرورة لتحديث البرنامج مع توزيع كل دفعة؟
هل يُعقل أن التعديل الجديد على برنامج طلب المواد المدعومة جعل لكل مادة رسالة؟ الأمر الذي يستلزم إرسال رسالة للحصول على ليتر الزيت الإيجابي وتحديد مركز الحصول عليها وبالتالي حجز دور، ورسالة أخرى للرز، وثالثة للسكر، ورابعة للشاي، وخامسة للمياه المعبأة، يعني خمسة أدوار، وخمس رسائل.
من يقرأ في البرنامج الجديد يقرأ دعماً للشركة المُشغلة للبرنامج، أي بدل أن تتقاضى عمولة على رسالة واحدة فهي ستتقاضى عمولة على خمس رسائل، أما المواطن الداعم فقد يأتي دوره للحصول على الزيت في يوم، والسكر في يوم آخر، والرز في يوم ثالث إلى آخر الحكاية.
أيضاً هل يُعقل أن تصبح المياه المعبأة على البطاقة الذكية؟ ما هذا الإبداع في دعم المواطن؟ المياه متوافرة لدينا بكثرة، فهل يُعقل أننا عجزنا عن تعبئتها؟ لماذا لا نسمح للقطاع الخاص بتعبئتها؟ هل أفضل أن نترك مياه عدد كبير من الينابيع الطبيعية وبعضها معدني تذهب هدراً ونمنن المواطن أننا نقدم له مياهاً معبأة مدعومة؟
ما ذهبنا إليه هو دعم للعجز في الابتكار، ودعم لإدارات فاسدة فشلت في تعبئة المياه، ودعم لتجار يوردون مواد غذائية يُفترض أنها متوافرة وبعضها ليس من النظام الغذائي للسوريين، وتم إدخاله ترفاً كالرز، فنحن بلد القمح والبرغل والمعكرونة، وإذ كان لا بد من الدعم فلندعم البرغل لنشجع استهلاكه ونشجع مزارعي القمح.
كبار السن استيقظوا باكراً صبيحة الرابع من كانون الأول لحجز الدور للحصول على المواد المدعومة، ولكن خيبتهم كانت كبيرة بطلب تحديث البرنامج الأمر الذي يجهله معظمهم، والصدمة كان لمن استطاع التحديث أنه مضطر لإرسال خمس رسائل، وتحديد المحافظة خمس مرات، والمنطقة خمس مرات، ومركز التوزيع خمس مرات، البرنامج كان يتفركش برسالة واحدة! فكيف بخمسٍ مع خدمة النت والكهرباء … مرحى لـ “وين”.
معاً على الطريق-معد عيسى