افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
ذكرى النكبة الفلسطينية ليست فقط للوقوف على أطلال المآسي التي حلت بالشعب الفلسطيني الشقيق، وأصابت العرب والمنطقة أيضاً بمقتل، وليست لاستحضار صورها المريرة فقط، بل هي مناسبة للعمل لطي صفحاتها الكارثية، لمواصلة الصمود والثبات على الأرض، للتمسك بحق العودة، لوضع التطبيع المجاني خلف ظهورنا، مناسبة ليكفَّ بعضنا عن الإيحاء لواشنطن بالموافقة على توطين اللاجئين حيث استقرت بهم الدنيا في بلاد المهجر، وتنفيذ إملاءاتها وشروطها، وصفقتها المشبوهة “القرن” سيئة الصيت.
هي مناسبة ليدرك العرب جميعاً، قبل الفلسطينيين أنفسهم، أنه دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والتنفيذ الحرفي لقرار الأمم المتحدة رقم 194 القاضي بضمان حق العودة، ودون تخلي الكيان الإسرائيلي عن أسلحته المحرمة دولياً، من كيماوية وجرثومية ونووية، ودون تنفيذه لكل القرارات الأممية ذات الصلة بالانسحاب من فلسطين والجولان، ودون تخليه عن جلده العنصري الإرهابي، فلن تهدأ المنطقة، ولن تعرف طعم السلام والأمن والاستقرار والازدهار يوماً.
دون ذلك، ودون معرفة العرب لمصلحتهم، ستبقى القرارات الأممية حبراً على ورق، وسيبقى الكيان الإسرائيلي الغاصب يعربد في سماء المنطقة، وسيبقى ما يسمى المجتمع الدولي متقاعساً حتى النخاع، وعاجزاً عن إلزام هذا الكيان بتطبيق القانون الدولي.
دون ذلك سيبقى قرار الأمم المتحدة حول حق العودة في أدراج النسيان الدولية، وسيكون القرار إياه، الذي جاء لإنصاف الشعب الفلسطيني بعد المجازر والمذابح التي نفذتها العصابات الصهيونية بحقه على مدى عقود، شماعة بيد قوى دولية كثيرة للمتاجرة بمأساته ومعاناته، وستبقى واشنطن التي تسترت على إرهاب الكيان لعقود، ولندن التي أنتجت “بلفور” المشؤوم، وكل قوى الاستعمار الغربية، تنتج نفس سيناريوهات النكبة والنكسة، ليس لفلسطين وحدها بل للمنطقة برمتها.
دون وقوف العرب صفاً واحداً، ورمي محاباة الكيان الإسرائيلي خلف ظهورهم، ستزيد وتيرة الاستيطان والتهويد حتى تلتهم فلسطين وجوارها، وستزيد وتيرة هدم بيوت الفلسطينيين فوق رؤوسهم حتى لا يبقى بيت واحد على ربا الجليل وكثبان النقب، وستهوّد كل ذرة في القدس الشرقية كما الغربية، وسيأتي يوم نجد فيه “الهيكل المزعوم” بقبته الزرقاء الموعودة وقد غطى وجه الأقصى وكنيسة القيامة، وستصفّى حقوق العرب جميعهم، وربما ابتزازهم بأكثر مما نتوقع، فهل نبقى على الأطلال فقط، ونعيد استحضار صور النكبة فقط، أم نبدأ بالعمل؟.