يتفق الجميع أن كل ما يحصل من هدر للمال العام نتيجة الفساد.. الذي يتجلى في سوء تنفيذ المشاريع المتنوعة.. وارتفاع الأسعار في الكشوف التقديرية لها .. والتأخير بتنفيذيها.. هو بسبب التقصير في محاسبة المعنيين فيها للحد من تفشي ظاهرة هدر المال العام ولا سيما أن المحاسبة والمعالجة هي مسؤولية مباشرة للحكومة وأجهزتها أولاً وأخيراً.
فالأموال العامة ليست مباحة للهدر أو النهب.. ولعل وما نراه من تجاوزات هنا وهناك يدلل على التقصير.. لأن المدد الزمنية التي تطول بشكل مخالف للمدد العقدية يجعل تكاليف المشاريع تتضاعف مرات ومرات ما يرتب خسائر كبيرة على موازنة الدولة.. وكان من الممكن تفاديها لو تم تشديد الرقابة والمتابعة لعمليات التنفيذ.. والأمثلة كثيرة ليس أولها مشفى جبلة الوطني ولا آخرها مطمر قاسية للنفايات الصلبة في اللاذقية التي قفزت تكاليف التنفيذ فيهما إلى أرقام كبيرة جداً بالمقارنة مع التكاليف التي تم التعاقد عليها عندما تم تلزيمها!! وهذا ينسحب أيضاً على مشاريع صغيرة تجاوز التأخير في تنفيذها سنوات وليس أياماً كما هو متعارف عليه!!
كل ذلك التأخير يجعل الحكومة تذهب إلى تعديل الأسعار ودفع الفروقات إلى الجهات المعنية في التنفيذ وذلك على حساب المواطن بدل سحب الأعمال منها والتنفيذ على حسابها وفق الأنظمة والقوانين!!
إن ارتفاع التكاليف نتيجة ارتفاع أسعار المواد استهلك مبالغ مالية كبيرة من خزينة الدولة ما اضطر الحكومة إلى اعتماد التمويل بالعجز من خلال الضرائب.. الأمر الذي جعل القدرة على مواجهة التحديات في ثبات الأسعار غير متاحة بالشكل المطلوب.. وبالتالي حدث خلل في ميزان المدفوعات.
كل هذا يترافق مع ما نعيشه نتيجة الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة من ارتفاع في تكلفة تثبيت سعر الصرف.. إضافة إلى اختلال ميزان المدفوعات لتراجع دخول العملة الصعبة إلى البلد على حساب خروجها لتأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء الخ.
وعليه المطلوب بشكل عاجل إغلاق “حنفيات” الهدر والفساد.. والإسراع بعمليات الإصلاح الحقيقية التي تشجع الاستثمار، والانفتاح على الخارج ما أمكن.. وكسر الاحتكار الذي نراه في استيراد المواد الأساسية!!.
من الضرورة بمكان إطلاق منصة خاصة للأسعار تتضمن جميع أسعار السلع .. وتشكيل لجنة لمراقبة تلك المنصة .. ومراقبة الجهات الرقابية المعنية في الرقابة على الأسعار في الأسواق.. لأن الفشل في ضبط الأسعار شكل ضغطاً إضافياً كبيراً على المواطن، واستهلك كل إمكانياته المادية لدرجة بات فيها تأمين قوت يومه عسيراً.
أروقة محلية- نعمان برهوم