حين بدأت بالصعود إلى أعلى التلة، انتبهت الى سرعتها، تباطأت بعد أن كاد غصن شجرة صغير يدخل في إحدى عينيها، أبعدت رأسها وحاذرت الوقوع في حفرة عميقة تماسكت وتابعت سيرها على مهل.
أدارت صوت الموسيقا، وبدأت تسابق خطواتها، شعرت كأن النغمات تمنحها روحاً جديدة، وبات لها أجنحة تطير بها، انتشت بفرح طاغ في عز استغراقها، والطريق ضيق للغاية فوجئت بشاحنة انعطفت يميناً لترى أن هاوية سحيقة بانتظارها ثوان قليلة أمامها كي تهرب إلى اليسار حيث يمكنها أن تداري اصطدام الشاحنة بها.
جلست على الأرض، وهي متعبة جداً، احتاجت بعض الوقت كي تتماسك من جديد، لم تترك أفكارها تحرفها نحو المسار اللحظي المرعب الذي عاشته، أصبحت تقريبا في منتصف التلة، عاجزة عن مغادرة مكانها، صحيح أنها سقطت على الأرض من تلقاء نفسها، لكن هناك أسباباً دفعتها لكلّ هذا التهاوي.
كمن تلقت ضربة فجائية على رأسها، وها هي عالقة في المنتصف، تلاعبت بأفكارها، وأبعدت عن ذهنها ايماءات العجز، قفزت بسرعة وشعرت أن الطريق أشبه بإسفنجة.
حين سمعت صراخ الراعي بهتت، ولم تدر كيف بدأت كلّ تلك الأغنام بالالتفاف حولها، بينما الكلاب الثلاث متجهة نحوها، تجمد الدم في عروقها!.
لا تعرف كيف سقطت، ولم تتمكن من الوقوف إلا حين أمسكت بعصا الراعي، ركضت حتى دون شكره..
خطوات قليلة وها هي على تلك القمة التي لطالما حلمت بها، نظرت إلى كلّ تلك الزواريب القصيرة المتعرجة التي لطالما سلكتها وأخفقت في الوصول إلى هنا.
حين لمحت طريقاً أقصر للنزول، اختارت الطريق الصعب ذاته الذي سلكته.
مشت بثقة، رفعت صوت الموسيقا وتابعت سيرها بتسارع على إيقاع نغمات أنعشت حواسها، موقنة أنها لن تفكر ثانية بالصعود إلى هذه التلة، سيكو ن بانتظارها تلال أخرى، بالتأكيد ستكون مجرد ممرات عبور الى أمكنة تمكنها من التشبث بسحر أزلي لا يفهمه الا من عشق التحدي…!
رؤية- سعاد زاهر