الملحق الثقافي:فؤاد مسعد:
استطاعت السينما السورية أن تربح الرهان خلال سنوات كانت الأقسى، شنت خلالها الحرب الهمجية على سورية والهدف في أحد أوجهه شل الحياة في مختلف المرافق، ولكن ما حدث كان العكس تماماً فإرادة الحياة كانت الأقوى واستمر العمل وفي أحيان كثيرة بوتير أعلى تحمل بين طياتها الإصرار والتحدي، وهكذا كان شأن الحراك السينمائي الذي أخذ بالتطور خاصة على صعيد ازدياد وتيرة الإنتاج، واللافت أن أغلب الأفلام جاءت من رحم الحرب فإما تحدثت عن مجرياتها وإما تناولت تداعياتها وانعكاساتها على المجتمع وغلب على العديد منها رصد بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري، حيث سعى كل مخرج إلى محاكاة هذه الأفكار بأسلوبه عبر موضوعات متنوعة جاءت إما أفلاماً روائية طويلة وقصيرة وإما أفلاماً وثائقية وتسجيلية، وفيما يلي نرصد لعدد من تلك الأفلام التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما.
أولى الأفلام التي تناولت الحرب التي شنت على سورية تم إنتاجها عام 2013، وهي (الرابعة بتوقيت الفردوس) إخراج محمد عبد العزيز ودارت أحداثه زمن الحرب مظهراً في أحد أوجهه مدى قساوتها، وفيلم (بانتظار الخريف) الذي انتصر للدفاع عن ثقافة الحياة في وجه ثقافة الموت وهو من إخراج جود سعيد، وفيلم (الأم) إخراج باسل الخطيب وتناول مجموعة من الأوجاع والمخاطر والأحلام وسط الحرب وتداعياتها على عائلة بسيطة، كما أنجز فيلم وثائقي درامي (مسيرة وطن) إخراج نضال دوه جي وتأليف محمود عبد الكريم دار حول الجيش العربي السوري. وبعد هذه الأعمال كرت السبحة وباتت أغلب الأفلام الطويلة تتناول موضوع الحرب، حيث قدم المخرج باسل الخطيب في العام التالي فيلم (سوريون) من إخراجه وأتبعه عام 2015 بفيلم (الأب) وحكى فيه عن أب يحاول إخراج عائلته من البلدة التي حاصرها تنظيم داعش، ثم جاء فيلم (الاعتراف) ففيلم (دمشق حلب)، أما المخرج عبد اللطيف عبد الحميد فقدم عام 2014 فيلم (أنا وأنت وأمي وأبي) عالج فيه الواقع المعاش واليومي في البلد خلال الحرب، وأخرج بعد ثلاث سنوات فيلم (طريق النحل) وهو حكاية حب وسط الحرب، ثم فيلم (عزف منفرد) الذي أكد عجز الحرب عن إفقادنا الحس الإنساني، وجاء أخيراً فيلم (الإفطار الأخير) لينتصر فيه للحياة رغم رائحة الموت وقسوة الحرب.
قدم المخرج نجدة أنزور مجموعة أفلام تناولت موضوع الحرب مفنداً الادعاءات الكاذبة التي قام الإرهابيون بفبركتها ففي فيلم (فانية وتتبدد) دحض الفكر التكفيري الإرهابي وأظهر في فيلم (رد القضاء) التضحيات والبطولات التي قُدمت في ملحمة سجن حلب المركزي، أما في فيلم (رجل الثورة) فكشف آلية التضليل الإعلامي وكيف يصبح شريكاً في الحرب، وذهب في (دم النخل) باتجاه تعرية آلة العدوان التي تريد إحلال الدمار وسلخ هويتنا وتشويه حضارتنا. وأنجز المخرج جود سعيد عدة أفلام حيث رصد في فيلم (مطر حمص) حكاية تستند على واقع الحرب محتفياً بالأمل والحياة والحب، وجاء فيلم (درب السما) بمثابة دعوة للتمسك بالحياة وإعادة بناء ما في داخلنا رغم كل الصعاب، ثم أنجز فيلمي (رجل وثلاثة أيام) و(نجمة الصبح)، وقدم المخرج أيمن زيدان فيلمان هما (أمينة) الذي حمل جرعة إنسانية عالية راصداً مصير أم كوتها نار الحرب وبقيت محافظة على قوتها، وفيلم (غيوم داكنة) حكاية انتماء للأرض والجذور رغم الدمار بفعل الحرب، أما المخرج غسان شميط فأنجز فيلماً روائياً طويلاً (ليليت السورية) طارحاً من خلاله حكاية أسرة نزحت نتيجة الأحداث إلى منطقة أكثر أماناً، كما قدم فيلمين وثائقيين عن الحرب هما (أبطال الحامية) أبرز من خلاله بطولات الجيش العربي السورية وفيلم (ياسمين شوكي) تحدث فيه عن انعكاسات الحرب على الأطفال. ورصد المخرج محمد عبد العزيز عبر فيلمه (حرائق) مصير ثلاث نساء عشن زمن الحرب، أما فيلم (يحدث في غيابك) إخراج سيف الدين سبيعي فتناول جدلية العلاقة بين رجل وامرأة عبر عملية خطف بدافع الانتقام وسط حالة من الدمار والخوف لا تلبث أن تتحول إلى حالة حب. وتحدث فيلم الديكودراما (الرحلة 17) إخراج علي الماغوط عن أحداث حقيقية جرت بدايات عام ٢٠١٣ ضمن كتيبة تابعة لقيادة الفرقة 17 والحصار الخانق الذي فرضه انتشار المسلحين في محافظة الرقة، مظهراً صورة عن بطولات الجيش العربي السوري. وضمن هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى فيلمين قامت وزارة الإعلام – مديرية الإنتاج التلفزيوني في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بإنتاجهما مؤخراً هما (لآخر العمر) إخراج باسل الخطيب و(أنت جريح) إخراج ناجي طعمي.
أنجزت المؤسسة العامة للسينما مجموعة أفلام قصيرة حاكت هذه الموضوعة من بينها فيلم (جوري) إخراج يزن أنزور الذي رصد تأثير الحرب على العائلات والأطفال، وتناول فيلم (ثمان وثمانون خطوة) سيناريو وإخراج أوس محمد رحلة المعاناة التي يلاقيها من يخطفهم المسلحون، وطرح فيلم (أفراح سوداء) سيناريو وإخراج كوثر معراوي مفهوم الأطفال للحرب. كما كان للشباب الهواة حصة فيما تم إنتاجه ضمن هذا الإطار حيث تناولت أفلام مشروع (دعم سينما الشباب) في المؤسسة العامة للسينما موضوع الحرب على السورية إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر، لتترجم في أحد أوجهها توق الشاب إلى التعبير عما يعتلج ذهنه من أفكار وصدره من مشاعر تجاه قضايا راهنة وحارة. وتحت هذا العنوان العريض يمكن أن نلتقط مجموعة من الأفلام، منها الفيلم الصامت (خطوة أمل) سيناريو وإخراج فراس كالوسية الذي عكس حالة مغرقة بشفافيتها وحميميتها غنيّة بالإحساس ونابضة بالمشاعر مُظهرة مكانة الجندي السوري وقدرته على بث روح الأمان، وتناول فيلم (سنلتقي يوماً) تأليف وإخراج محمد عبد الله علي حالة إنسانية تعكس نبل الجندي السوري، وقدم فيلم (جوليا) سيناريو وإخراج سيمون صفية حكاية مستوحاة من قصة حقيقية لزوجة وأم لطفلين تُخطف ويُعتدى عليها ثم يصل إليها الجيش السوري ويقوم بتحريرها، في حين دارت أحداث فيلم (فاصلة منقوطة) إخراج رولا سفور وتأليف جهينة العوام حول المعاناة اليوميّة لأسرة من ترقب وخوف من سقوط القذائف.
التاريخ: الثلاثاء14-12-2021
رقم العدد :1076