الثورة _ فؤاد مسعد:
جاء شهر رمضان هذا العام مبكراً ما أعطى دفعاً نحو حدوث تغييرات طالت آلية العرض فلم يعد الشهر الفضيل هو الفترة الزمنية الوحيدة التي يعرض فيها المنتجون بواكير أعمالهم وأفضلها ، وإنما فُتحت الساحة نحو خيارات أخرى لقيت صدى طيباً خاصة مع تغيير أسلوب العرض ، وأصبح هناك منافس قوي للشاشة التلفزيونية لمتابعة المسلسلات فحضور المنصات ومواقع الأنترنيت بات أمراً واقعاً يتطور بشكل تصاعدي مكرساً مكانته رويداً رويداً ، ولم يعد بخافٍ على أحد أن هناك حالة انزياح تشهدها آلية المتابعة عند المتلقي ، الذي أصبح يتحكم بما يريد رؤيته من مسلسلات كما يستطيع التحكم بزمان ومكان وكيفية المشاهدة لدرجة أن المتابع يمكنه رؤية العمل الذي يريد عبر (الموبايل) مما يشي أنّ عادات وتقاليد المشاهدة تذهب باتجاه فرض آليات جديدة ومختلفة تماشي العصر ، الأمر الذي ينعكس بالضرورة تغيراً في مفاهيم العملية الإنتاجية بما في ذلك عدد حلقات العمل والنص وأسلوب التعاطي الإخراجي معه وضمان حالة من التشويق والإثارة ، وبالنتيجة هو تغيير في شكل الدراما المُقدمة التي بات العديد من المنتجين يتجهون إلى إنجازها بالتوازي مع المسلسل الطويل الذي يصور طمعاً في العرض خلال شهر رمضان.
ما تم إنتاجه في الموسم الأخير يُنبئ أن الإنتاج الدرامي التلفزيوني داخل سورية لايزال يعاني من المصاعب الكثيرة رغم بوادر الأمل ، وبدا ذلك على صعيدي الكم والنوع كما تُرجم من خلال تأجيل عرض عدد من الأعمال وعرض مسلسلات سبق أن قدمتها محطات أخرى أو منصات ومواقع الأنترنيت ، وقد قدمت القنوات الوطنية في شهر رمضان المبارك عدداً من المسلسلات السورية التي شكّل بعضها فارقاً عما كان عليه الحال العام الماضي وكأنها إرهاصات تعكس تعاطياً مختلفاً وأكثر جدية ربما نشهد نتائجه في القادم من الأيام وخاصة خلال شهر رمضان المبارك .
عديدة هي المؤشرات الإيجابية التي يمكن قراءتها للمرحلة القادمة فيما يتعلق بالإنتاج الدرامي والتعاطي معه ، منها الاهتمام الكبير الذي أولته وزارة الإعلام للعمل الدرامي ودعمها له ، كما أن آمالاً كثيرة معقودة على المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ، والتي نال أحد أعمالها المُنتجة عام 2019 (حارس القدس) إخراج باسل الخطيب وتأليف حسن م.يوسف جائزة أفضل مسلسل تلفزيوني في مهرجان زهرة المدائن للإبداع الثقافي الرابع عشر هذا العام ، ومما حققته الدراما السورية أيضاً مشاركتها ضمن مهرجان الأردن الرابع للإعلام العربي حيث نال فيه مسلسل (خريف العشاق) الجائزة البرونزية عن فئة الأعمال الاجتماعية في منافسة ضمت ثمانية وستين عملاً عربياً ، وهو من إخراج جود سعيد وتأليف ديانا جبور وإنتاج إيمار الشام .
ومن المؤشرات أيضاً تشكيل مجلس إدارة لجنة صناعة السينما والتلفزيون ، وضمن اللجنة تم تشكيل لجنة لكتاب سيناريو ولجنة تُعنى بشؤون الدوبلاج ولجنة لحل الخلافات والنزاعات ، وبدا التعاون واضحاً بين وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون ، وخلال اجتماع عقده وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق مع لجنة المنتجين الدرامية والسينمائية في غرفة صناعة دمشق أكد أن النهوض بواقع الدراما السورية مسؤولية مشتركة وواجب وطني لما لها من دور فاعل ومكمل للإعلام . وعلى صعيد آخر تم تجديد انضمام لجنة صناعة السينما والتلفزيون للاتحاد العام للمنتجين العرب وافتتاح مكتب للمنتجين العرب في دمشق وقد أوضح الأمين العام المساعد ورئيس مكتب الاتحاد العام للمنتجين العرب في سورية زياد الموح أن الاتحاد كان ولايزال داعماً للإنتاج السوري مع الحرص الدائم على مشاركة الوفود والإنتاجات السورية لاسيما في مونديال القاهرة لأعمال الإذاعة والتلفزيون.