يومياً يجد المواطن نفسه أمام حكاية تلازمه وتلاحقه، وحتى لو حاول الهروب منها، فإنها تعيش معه في حياته اليومية بكل تفاصيلها وتعاستها؛ إنها حكاية الغلاء وزيادة الأسعار التي أكلت كل شيء، وبددت الأحلام وقتلت الأماني وفاقت بمعانيها ودلالتها قصة ليلى والذئب، وأصبح لدينا آلاف مؤلفة من ليلى وآلاف الآلاف من الذئاب الذين يتلاعبون بالأسعار وبقوت المواطن، الذي لم يعد همه ومجال تفكيره سوى تأمين لقمة العيش..!
حكاية المواطن لا نجدها فقط في قصة ليلى والذئب، ولا في أسرار وعجائب الدنيا، بل هي واقع حي نعيشه منذ سنوات يومياً، حيث يبدأ هذا المواطن يومه مهموماً بتأمين الخبز والمازوت وحاجيات البيت الضرورية لاستمرار الحياة، في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء وأقل للماء وغيرها، ونتيجة ذلك فقد تقلصت صلة الرحم إلى درجة الانقطاع بلا حول ولا قوة.
صلة الرحم التي أوجدت الرحمة والمحبة بين الناس والأقارب غيبتها مظاهر الجشع والفجور وهموم الحياة ومتاعبها التي فاقت حد التحمل، ففي كل يوم إجراءات جديدة وأساليب متجددة لحساب كم يحق للمواطن صاحب الحكاية النادرة أن يحصل على ربطة خبز، وكيف وكم يحق له الحصول على ليتر من المازوت يضمن من خلاله التدفئة في برد قارس ومرارة في الحياة له ولأسرته، بينما ينعم الآخرون بتدفئة مركزية تتباهى درجات حرارتها في الارتفاع، وكذلك كم ليتر من البنزين يظفر به لقضاء خدمة وحاجة ضرورية بعيداً عن منغصات وكارثة النقل والمواصلات، ناهيك عن انشغال هذا المواطن بمتابعة الرسائل ليؤمن بعضاً من السكر والأرز وأسطوانة الغاز، والأدهش هو تأمين ليتر واحد من الزيت الإيجابي وهو المحاط بجميع سلبيات ومنغصات إجراءات وقرارات إدارية وخدمية حكومية لا تعالج 25% من معاناته ومشكلاته الحياتية اليومية الخدمية والمعيشية.
حكاية المواطن مستمرة منذ سنوات، وهي في تصاعد سلبي تدخل فيها جميع أدوات القصة والحكايات، إضافة إلى مونولوجات متنوعة برزت كتداعيات منطقية للواقع الذي يعيشه.. فهذا المواطن الذي يعيش في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء ونقص في المياه والغاز والمازوت والبنزين وجنون بل وفجور لا يطاق في الأسعار مقابل قوة شرائية هزيلة تعاني موتاً سريرياً تلازمه أزمة حادة وكبيرة جداً في المواصلات، هو بالتأكيد مواطن فوق العادة سلباً وإيجاباً وتحت تصنيف معايير الحياة الطبيعية.. وكي لا تقول السلطة التنفيذية إننا نجور عليها، فهذا سببه المباشر الحرب الإرهابية والحصار الظالم على بلدنا، نعم وبالتأكيد، لكن علينا أن نفعل الكثير ونوجد البدائل والحلول وهي موجودة ونحسّن أداءنا وطرق إدارتنا لمواردنا، والأهم أن نزيد من إنتاجنا زراعياً وصناعياً؛ وبذلك تتغير كلياً حكاية هذا المواطن.
حديث الناس – هزاع عساف