تحلّ في هذه الأيام المجيدة الذكرى الخامسة لملحمة تحرير مدينة حلب من رجس الإرهاب التكفيري المأجور، حيث تمكن أبطال الجيش العربي السوري بعد معارك أسطورية حامية من دحر جحافل الإرهاب والمرتزقة الذين جاؤوا من كلّ أصقاع الأرض وعاثوا فساداً وقتلاً وتخريباً ونهباً في هذه المدينة الباسلة لأكثر من أربع سنوات من عمر الحرب الظالمة على سورية، ليشكّل تحريرها أبرز فشل للمشروع التآمري العدواني الذي حاول إسقاط الدولة السورية من قلب عاصمتها الاقتصادية، ليبدأ بعد هذا النصر المؤزر العد العكسي لتطهير سائر التراب السوري من دنس الإرهاب واستعادة الحياة الطبيعية لمعظم المدن والمناطق السورية.
لا يمكن أن تمر هذه الذكرى الغالية دون أن نستذكر الوقفة الأبية لشرفاء حلب وأحرارها إلى جانب الجيش العربي السوري، حيث ساهم صمودهم الرائع في امتناع حصون المدينة وتكسر الموجات المتلاحقة من هجمات مغول العصر وتتاره، ودحر ما يسمى “جيش الفتح” الأردوغاني ورده على أعقابه عن أسوار المدينة.
وافتراضاً لو نطقت حجارة حلب اليوم ـ ولحجارتها لغة يفهمها كل المتحضرين في هذا العالم ـ لفضحت النوايا الخبيثة لمحور العدوان من وراء حربه الحاقدة على سورية، وكشفت زيف ادعاءاته الحضارية والإنسانية، فقد كانت الشاهد الحي على عشرات آلاف الإرهابيين والمرتزقة الذين أرسلهم الغرب وأدواته لتدمير حضارتها العظيمة ومحو تاريخها العريق، عبر حفر الأنفاق وتفجيرها واستهداف الأوابد الأثرية بالسرقة والتخريب..!
لو نطقت حجارة حلب لفندت مزاعم الطاغية العثماني أردوغان حول حرصه على حياة السوريين وهو الذي تحول في لحظة الحقيقة إلى لص يسرق المعامل والمصانع وينقلها إلى بلاده كما فعل أجداده البائدين بالقمح السوري، محاولاً تدمير الاقتصاد السوري ومحاصرة وتجويع المدينة وقطع المياه عنها، بعد أن صدر إليها دواعشه ومرتزقته ليمارسوا فيها أبشع المجازر والانتهاكات..!
ما من شك أن حدث تحرير حلب كان له أبعاد عسكرية وسياسية واقتصادية وإستراتيجية مهمة، وبالأمس استعادت حلب بالتزامن مع ذكرى التحرير بعض ألقها الثقافي المعهود بإدراج قدودها العريقة على قائمة التراث العالمي، ولا جدال في أن ذلك من ثمار ونتائج هذا الحدث الكبير.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود