كيف تسعى “إسرائيل” لاحتواء الوطن العربي اقتصادياً

الثورة- الدكتور رحيم هادي الشمخي:   

أي اقتصاد ذلك الذي ستصحو على وجوده الدول العربية؟ ولأن البعد الاقتصادي لمضامين اتفاقيات التسوية سابقها ولاحقها، المعلن منها وغير المعلن، لم تتضح معالمه بعد، لجهة طبيعية ودور هذا الوجود الجديد في محيطه فإن الضرورة تقضي بأن يكون العرب على بينة تامة من هكذا اقتصاد ومعرفة التهديدات ومكامن الانتشار والأهداف التي يتطلع إليها صناع السوق الشرق أوسطي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لعامل الزمن أهمية، ربما لمصلحة من يرغب بالاستفادة منه بالاستعدادات الثابتة والتأهيل الهيكلي والوظيفي، لطالما أن اندفاع «إسرائيل» في المنطقة يستغرق وقتاً بحكم الاعتبارات الوجدانية والثقافية التي لن تتقبل رأساً الحضور الصهيوني، وأن التعرف والاطلاع على مكونات خصائص المرتكزات الخلفية للعملية السلمية في بعديها الاقتصادي والسياسي تستوقف البحث والتبصر والتحقق واستشراف المستقبل على نحو يهيئ المنطلقات الفضلى لدرء المخاطر المحقة والمتوقعة.
وفي نظرة إسرائيلية إلى منطقتنا، فقد جاءت الأفكار الإسرائيلية مكبلة إياها بقيود من حديد في شتى المجالات الاقتصادية الحيوية، يظهر فيها الكيان الصهيوني ترسانة اقتصادية إقليمية، وبورصة الاتجاهات الحيوية، في حين تكون الأقطار العربية هي الضواحي المرتبطة بمركز الخيار الإقليمي، وفي إشارة إلى هذه الخطط والمشاريع غير المتكافئة نجد أن المصلحة العربية تبدو أقل استفادة لا بل أن «إسرائيل» المستفيدة الوحيدة، وفي الواقع إن هذه القضية هي إحدى هيمنة «إسرائيل» على الاقتصاد العربي، واستناداً إلى البنك المركزي الدولي، فإن الاقتصاد الإسرائيلي أكبر من اقتصاد دول الشرق الأوسط مجتمعة، وهذا التفوق الواضح في اقتصاد «إسرائيل» ربما لن يستأثر فقط بمعظم المزايا التي سوف يوفرها قيام السوق الشرق أوسطي بل يؤدي إلى تقسيم إقليمي ودولي للعمل، يجعل الدول العربية تتخصص بالصناعات الاستخراجية والصناعات الخفيفة الكثيفة العمالة، وبتصدير الموارد الأولية بينما تحتكر «إسرائيل» الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتطورة ما يحول دون النمو المتكافئ بين العرب والكيان الصهيوني، وهذا يطرح سؤالاً:
* هل يمكن أن تقيم «إسرائيل» سلاماً مع العرب وهي متفوقة استراتيجياً دون أن تحقق مكاسب سياسية واقتصادية؟.
والجواب: (من يقرأ كتاب شمعون بيرس) رئيس وزراء «إسرائيل» الأسبق (الشرق الأوسط الجديد) الصادر عام 1994 “المثلث المزدهر”، بأن السلام يعبر من خلال البوابة الاقتصادية، والمراقب لهذا التوقع يلاحظ أن المنطقة تتعرض لعملية إعادة ترتيب وإعادة تركيب جذرية لأوضاعها ستطول الكيانات والأنظمة والمؤسسات على مختلف الأصعدة، وقد تمتد خارج المنطقة وإلى دول الجوار مثل تركيا وإيران وأفغانستان وباكستان، ومن المؤسف أن للولايات المتحدة الأمريكية و”لإسرائيل” التأثير الأول والأكبر في وضع أسس وقواعد النظام الإقليمي وتحديد مساره، وأن الدول العربية ذات المصلحة المباشرة مغيبة أو مهمشة وغير فعالة، لأن العقلية السياسية الإسرائيلية تقوم على الهيمنة الكاملة على مقدرات العالم العربي الاقتصادية، المادية، والمالية، وأولى شروط هذا النظام الجديد العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين «إسرائيل» وكل دولة عربية على حدة، فتنهار الحواجز والعوائق ويسود السلام بالمفهوم الصهيوني فوق الجميع، وفي نظرة إلى عقلية التعاون الصهيوني في مجال الطاقة يقوم المشروع الصهيوني على تصدير النفط الذي يقترح أن يتم تصديره من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية عبر الأرض المحتلة بواسطة أنابيب تصب في موانئ حيفا وأشدود، مبرراً بانخفاض النقل، أما في القطاع الزراعي فيأملون في تقديم المشورة الفنية للبلدان العربية لزراعة المناطق الصحراوية وتزويدها بالمعدات والآلات الحديثة، وفي المجال السياحي نجد أن مشروعات الربط الإقليمي تحتل أهمية كبيرة وتسمى ريفيرا البحر الأحمر الذي يربط ساحل “ايلات” والعقبة وطابا، ومشروع إنشاء البنك الإقليمي للشرق الأوسط لتدوير الأموال الخليجية والأوروبية التي تمول المشروعات المشتركة، وإنشاء جامعة الشرق الأوسط لتكوين نخبة مهنية جديدة تلائم تطورات الرؤيا “الشرق أوسطية” الجديدة، إضافة إلى تحديد التجارة بين دول المنطقة وحرية انتقال رؤوس الأموال وانتقال الأشخاص.
ومن هنا نجد أن في طليعة الأهداف الجوهرية للسلام وفق المفهوم الأمريكي- الإسرائيلي مسألة تطبيع العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني، وهي الركيزة الأساسية في الاستراتيجية الصهيونية لاحتواء الوطن العربي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، بدءاً بالعلاقات العادية إلى السوق المشتركة ثم التكامل الاقتصادي، وهنا تبرز مخاطر التطبيع ورفع المقاطعة التي تبدو جسيمة ومقلقة فيما إذا نظرنا إلى البند الخامس من بروتوكول حكام «إسرائيل» فيقول: (علينا أن نكون أصحاب الهيمنة على التجارة والصناعة وخصوصاً أسواق المضاربات المالية من أجل بقاء «إسرائيل» وتفوقها على العرب)

– أكاديمي وكاتب عراقي

آخر الأخبار
الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد