الثورة – عبد الحميد غانم:
على عكس كل التوقعات بخفض الموازنة المالية للبنتاغون بعد خروج الجيش الأميركي من أفغانستان والحديث عن تقليل الوجود العسكري في العالم، وبعد سيطرة الحزب الديمقراطي على الرئاسة ومجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) الحزب الذي يدعي التوجه نحو الحلول السياسية والدبلوماسية على عكس نظيره اللدود الحزب الجمهوري الذي يفضل قادته الحلول العسكرية لا سيما التعامل مع قضايا المنطقة، فقد وافق الكونغرس الأميركي على أكبر موازنة دفاعية في تاريخ الولايات المتحدة، وذكرت شبكة (سكاي نيوز) الإخبارية أن الموازنة الدفاعية للولايات المتحدة ارتفعت للعام المقبل بنحو 30 مليار دولار مقارنة بموازنة العام الماضي حيث بلغت قيمتها 768 مليار دولار وهو تقريباً الرقم نفسه في العام 2011 مع زيادة عدد قوات الاحتلال الأميركية في أفغانستان والعراق آنذاك.
وشهد العام الجاري انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بعد 20 عاماً من احتلالها، وكذلك إعلانها الانسحاب من العراق وترك جزءٍ من قواتها بهدف التدريب والاستشارة وهو ما عزز التكهنات سابقاً حول إمكانية خفض موازنة الدفاع إلا أنها شهدت ارتفاعاً هو الأعلى منذ 10 سنوات.
وأثارت الميزانية الجديدة غضب الديمقراطيين الذين كانوا يأملون بأن تؤدي سيطرة حزبهم على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ إلى تخفيضات في البرامج العسكرية باعتبار أنهم يفضلون الدبلوماسية ويطالبون بضبط النفس في السياسة الخارجية.
ولم تتضمن ميزانية الدفاع التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن في أيار الماضي سوى زيادة متواضعة إلا أن الكونغرس أضاف عليها نحو 25 مليار دولار بهدف الحفاظ على ما سماه “هيبة أميركا”.
هذه الدلائل تشير إلى أن من يقر الزيادة ليس سلطة الرئاسة ومجلسي الكونغرس فهناك قوى ضغط ولوبيات لها تأثير كبير في عملية صنع القرار في الولايات المتحدة، فهناك شركات تصنيع الأسلحة والشركات المتعددة الجنسيات واللوبي الصهيوني ذات التأثير القوي على عملية صنع القرار الأميركي، حيث لم يعد مستغرباً صدور قرارات أميركية تتناقض مع التوجهات والوقائع المعلنة في المشهد الأميركي وهي كثيرة الحدوث، فالمهم في الدولة العميقة في أميركا هو الهيمنة والبلطجة والعسكرة والتدخل ولو كان ذلك على حساب مصالح الشعوب والدول.
فنظرية التفوق مطلوبة أميركياً كي تحافظ الولايات المتحدة على مصالحها ولو كانت تتعارض مع أهداف ومصالح شعوب العالم. وهناك من يعمل لاستمرار المشكلات والنزاعات في العالم كي تبقى مصانع الأسلحة الأميركية مستمرة في العمل ولا تتوقف الأرباح التي تجنيها الشركات الأميركية من وراء ذلك.
فإقرار موازنة كبيرة للدفاع الأميركية يعني استمراراً لهيمنة أميركا ولما يسمى “هيبة أميركا” وفتح الأبواب أمام خيارات أميركا العسكرية.