تكالبت الدول الاستعمارية القديمة منها والحديثة، ووحدت سياساتها في الحرب على الدول العربية، بدءاً من العراق، وصولاً لسورية مع مطلع القرن الحادي والعشرين كل له غاياته ومصالحه، والهدف الأساس سورية، وذلك لمصلحة الكيان الصهيوني..
العثماني يحلم بسلطنة جديدة تمتد من تاريخ أسلافه.. فرنسا تحلم بتملك مالم تستطع السيطرة عليه خلال ربع قرن وطئت فيها أرضنا الطهور، ورُكِلَتْ منها فبل تمام ربع قرن. بريطانيا تحوك المؤامرات علّها ندمت يوماً أنها تركت سورية لفرنسا..
عام 2003احتل العراق المنكوب حتى اللحظة.. وصارت القوات الغاشمة على أرضه الفزاعة التي تخيف العراقيين، ليقينهم بأن ما أوصلهم إلى ما هم فيه منذ 2003 هو صناعة إنكليزية بقفاز أميركي.
البيت البيضاوي لم يخطر بباله أن مندوبه كولن باول في حينه سيخرج بخفي حنين بعد لقائه الرئيس الأسد، وأن كذبته التي ألفها لخراب العراق انكشفت على مشارف دمشق ولن يجديه نفعاً أي اعتذار، وأن سورية دار نكوص لما يحلم به..
لم يكن الطريق سالكاً إلى دمشق من بغداد كما حلم، فتوارى عن الأنظار السياسية وبقي على الرصيف؛ في الزقاق الخلفي لمواخير السياسة الأميركية.. ترامب فشل في العودة إلى البيت الأبيض لسواد قلبه في السياسة الداخلية والخارجية ضد سورية.
حزن لأنه لم يحقق كامل مآرب الصهاينة، رغم أنه غمس قدمه في التنف ليحقق رغبةً من ضمن الرغبات الكثيرة التي عملها لأجل ابتسامة رضاً من نتنياهو.. حتى لا يصل إلى سفك ماء وجهه والإقلال من هيبته التي أصابت أوباما، بتجاوز نتنياهو ساكن البيت الأبيض، ومخاطبة الكونغرس دون أن يعره أي اهتمام أو احترام.
أتى بايدن بقوة صندوق الاقتراع مطيحاً بترامب.. لكنه ظل مهزوزاً لا يعرف كيف يضع سياسات استراتيجية، بعد سعيه الحثيث وأساليبه التي حققت حلمه في الدخول للبيت الأبيض.. ظلت أفعاله مضطربة دون توازن مع بيانه الانتخابي الذي أوصله.. مخرجاً ترامب من حلبة الانتخابات بالضربة القاضية.
وتبقى سورية الأحجية التي لم يجد لها حلاً مؤرقة له.. واللغز الأصعب في حياة السياسة الأميركية، التي انتهجت انتهاك حريات الشعوب.. قلناها ونقول: سورية رقم صعب لا يمكن فك رموزه إلا من قبل الشرفاء.. محرجة السياسة الأميركية.
ترى لو طال زمن بقائهم في التنف، وحول آبار البترول السورية، فما الذي يمكن أن يحدث.. حقولنا لا يسيل لها لعاب الأميركي، رغم أنه بدأ باستهلاك كل المسروقات النفطية العربية المحقونة في آبار صناعية.. لأنها لا تشكل ما يمكن أن يفي بمقدرات الحصول عليها. ولم يبق له إلا أن يكون جنوده حراساً عليها إرضاءً لبني صهيون..
ما الذي قاله العرافون لجو للعام الجديد، هل عليه الابتعاد عن سورية، لأن من يغرق فيه فسيخرج من البيت الأبيض.. ملعوناً كما أوباما وترامب وأن عليه رسم استراتيجيات جديدة؛ يستر فيها عورة وجوده في شمال سورية..
جو بايدن الآن حارس للممر الإستراتيجي إرضاءً لمن تحت الكنيست والموساد والشاباك، متموضعاً في التنف قاطع طريق ليس إلا.. ليبعد العراق عن سورية دون اهتمام بالأردن.
يتوه بايدن في حل الأحجية السورية، فهي بانتصارها هزمت أميركا، وأحرجتها لصلابة أبنائها وقوة صمودها وجبروت الإرادة الوطنية السورية التي تفرض ذاتها مرة بعد مرة محيرة العالم، في تغييرها لقواعد الاشتباك والتكتيك العسكري..
إن قوة مراسها السياسي.. جعلت العالم كله يرتقب كيف هي نهايات الحرب على سورية.. وكيف أعلن كثر ممن تآمروا عليها هزيمتهم بطرق مختلفة.. ما جعل نصرها درساً يضع على المحك كل من يرغب الوصول للبيت المطلي بالأبيض رغم سواده الحالك من الداخل وقلوب قاطنيه.
إضاءات -شهناز صبحي فاكوش