مرة أخرى، وكعادتها، والتزاماً بسياساتها التصعيدية العدوانية، تقفل الولايات المتحدة العام ٢٠٢١ وهي في حالة الانشغال التام بإشعال المزيد من الحرائق حول العالم، ودائماً ما درجت على افتتاح العام الجديد مرة بعد مرة باستكمال ما بدأته في أربع جهات الأرض.
من بحر الصين، إلى أوكرانيا، مروراً بمنطقتنا حيث تحاول أميركا إحياء دواعشها وتدوير مشاريعها الفاشلة – وباجترار مقزز – تواصل واشنطن تسويق ادعاءاتها الكاذبة في هذا الملف وذاك، على الرغم مما كشفته وتكشفه بهذه الأثناء جولات فيينا وجنيف وأستانا.
تعرية الأكاذيب الأميركية وافتضاحها، مع محاولة واشنطن الاستمرار بسياساتها المرفوضة، يطرح مفارقة صارخة، تبدي من جهة إصرارها على العبث بأمن واستقرار المنطقة والعالم، وتبدي من جهة أخرى عدم تصدي العالم لها بما يتوافق مع حجم التهديد الذي تفرضه عليه، هو ربما ما بات يرتب علينا جميعاً الفعل المؤثر الذي ينبغي أن يعتمل على ما هو أبعد من تعرية النظام الإمبريالي الأميركي.
إن الانشغال الأميركي بافتعال الأزمات هنا وهناك، وبتسخين الأجواء وتسميمها هو فاضح واضح، الأدلة عليه التي تدين البيت الأبيض ودوائره أكثر وضوحاً، لكن العالم ما زال يمنح واشنطن الفرصة تلو الأخرى للتراجع أو لتحسين فهمها للتطورات الدولية التي تنكرها ولا تريد الإقرار بها!.
إن ما تسعى له واشنطن من حركة في دوحة حمد ودميم والدته، إنما هو الاجترار عينه الذي خبرته جيداً هي وإمعاتها التي جرى تصنيعها واتضح للأعمى أنها بلا جدوى، فضلاً عن أنها غير صالحة للاستهلاك أو لإعادة الإنتاج.
وإن ما تحاول واشنطن فبركته هناك على تخوم روسيا من محاولة إحياء ما صنعه هنري ليفي بالتعاون مع أجهزة استخباراتها والانشغال الكامل به – وبما ينطوي عليه من مخاطر وتهديدات – مع الناتو والحلفاء في القارة العجوز، هو التعبير الحي عن الفجور السياسي المقترن مع الشعور بالعجز والإحباط.
وإن ما تتوهمه إدارة جو بايدن من تحقيق اختراق في جولات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني والاتفاق الذي انقلبت عليه إدارة دونالد ترامب، إنما هو أيضاً المحاولة اليائسة المبنية على البؤس السياسي في الفهم لما جرى ويجري في هذا التفصيل الذي لا ينفصل عن بقية التطورات التي رسخت خلال السنوات الأخيرة بما يجعلها ثابتة لا تقبل سوى البناء عليها في الاتجاه المعاكس لرغبات أميركا وملحقاتها.
قطعت دمشق خطوات مهمة للغاية، وهي إذ تستكمل دحر فلول المرتزقة من الدواعش وسواهم، فإنها متيقنة من أن أي مسعى أو محاولة للتعطيل أو المشاغبة والمشاغلة، هي محكومة بالإخفاق، ولا تتجاوز بكل المعايير إلا أن تضاف كدليل جديد إلى أدلة انفصال واشنطن وتوابعها عن الواقع.
وكما تعرف موسكو إلى أين تتجه، وترتب بكين ما لا يخطر على بال، فإن طهران تعلم هدفها وقد حددت جيداً المسارات المؤدية له، وليبقى من الثابت أن هناك من لا زال يتوهم ويغرق في بحر شروره، ولن يتمكن بحال من الأحوال من تعويض هزيمة مشاريعه.
معاً على الطريق -علي نصر الله