قبل يومين أصدر قادة الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي بياناً مشتركاً أكدوا خلاله “وجوب منع الحرب النووية، وتقليل المخاطر الإستراتيجية، والتمسك بحظر الانتشار، وضرورة الإلتزام بالعمل مع جميع الدول لنزع السلاح وصولاً إلى عالم خال من الأسلحة النووية”، ولا شكّ بأن هذه الخطوة سيكون لها الأثر الكبير في تخفيض مستوى التوتر الدولي والحد من سباق التسلح، لاسيما في ظلّ التصعيد الأميركي والغربي المتصاعد على أكثر من جبهة دولية، الأمر الذي بات يهدد الأمن والسلم الدوليين.
الولايات المتحدة، وإلى جانبها بريطانيا وفرنسا، يقع عليها المسؤولية الأكبر في تنفيذ الاتفاق المبرم الذي أورده البيان، في ظل افتقادها للرادع الأخلاقي والإنساني، فتلك الدول هي من تجر العالم إلى هاوية حرب مدمرة، بفعل نزعة الهيمنة والعقلية الاستعمارية التي تحكم سياسات تلك الدول، وهي لا تزال ترفع من منسوب إنفاقها العسكري، وتفتعل الأزمات الدولية، وتشعل المزيد من الحروب بالوكالة لتحقيق مصالحها الاستعمارية، على حساب حياة وأمن شعوب الدول الأخرى الرافضة للسياسات الغربية الهدامة.
اللافت في البيان أنه أكد على التمسك بحظر الانتشار، والعمل على إخلاء العالم من الأسلحة النووية، وهنا يبرز سؤال بغاية الأهمية: هل ستبقى أميركا وبريطانيا وفرنسا تغض النظر عن الترسانة النووية الإسرائيلية، وتكف عن دعم الكيان الصهيوني بهذا الشأن؟، فهذا الكيان يملك أخطر ترسانة نووية تهدد المنطقة والعالم بأسره، ولا يزال يرفض الانضمام إلى معاهدة الحد من الانتشار النووي، والجمعية العامة للأمم المتحدة سبق وأن أصدرت عدة قرارات تدعو هذا الكيان للتخلي عن أسلحته النووية، لكنه لا يقيم أي وزن لتلك القرارات، رغم أنها تعكس رغبة غالبية دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة التي تعارض باستمرار أي قرار دولي ضدّ هذا الكيان، فيما تعمد فرنسا وبريطانيا للتستر عليه وإنقاذه من أي مساءلة دولية، وهما من ساعدتا هذا الكيان على إنشاء ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية، وتعملان إلى جانب الولايات المتحدة على مساعدته في تطوير برامج هذه الترسانة.
هدف منع الانتشار النووي يتحقق فقط عندما تكف الدول الغربية عن ممارسة سياسة المعايير المزدوجة، وعدم استثناء الكيان الصهيوني من القوانين والقرارات الدولية الملزمة، وكذلك فإن إرساء قواعد الأمن والاستقرار في العالم يتطلب في المقام الأول تخلي الغرب عن أطماعه التوسعية، وانتهاج أسلوب الحوار والدبلوماسية في العلاقات الدولية، بدلاً من سياسة التصعيد العشوائي، واللجوء إلى خيار القوة العسكرية الغاشمة لتهديد الدول الأخرى وابتزازها.
البقعة الساخنة -ناصر منذر: