قدّم وزير الزراعة المهندس حسان قطنا توصيفاً واضحاً ودقيقاً للواقع الزراعي خلال لقائه مع صحفيي مؤسسة الوحدة يوم أمس الأحد مؤكداً على بعض نقاط القوة التي يمكن أن تسهم بالنهوض بالنشاط الزراعي واستعادة عافيته وفي مقدّمتها الحرص على العمل من الأرض وليس من المكاتب انطلاقاً من كون الزراعة قاطرة النمو الاقتصادي ، وعلى هذه القاعدة التي أوضحها السيد الوزير فإن واقع الحال أصبح يتطلب آليات عمل معلنة ووفق برامج زمنية قادرة على أن تبدد القلق المشروع على النشاط الزراعي ، فإذا كانت التطورات الاقتصادية في العالم كلّه تقتضي إعادة تقييم لكلّ المراحل السابقة للوقوف على جوانب القصور في الأداء وإعادة النظر في كلّ السياسات المتبعة وإجراء تقييم شامل لكلّ الموارد (الطبيعية والبشرية) لتحديد مدى مساهمتها في الاقتصاد الوطني و تلافي الخلل الحاصل ، واعتماداً على ذلك توضع الخطط المناسبة للارتقاء بالنشاط الاقتصادي لمواكبة هذه التطورات ، فإن الضرورة الملحّة تتطلب التوقف عند نقاط القوة ونقاط الضعف في الركائز الأساسية لاقتصادنا الوطني وفي مقدّمتها الزراعة لتعزيز وتمكين هذا الاقتصاد ونجعل جميع الناس يشعرون بالأمان بشأن الغذاء الذي يحتاجونه فالحصول على الغذاء يشمل الكثير من الخطوات وعلينا أن نفهم من أين يأتي غذاؤنا حتى يمكن أن نتخذ القرارات السليمة بشأن الطريقة التي يمكن أن نوفر بها هذا الغذاء وعلينا أن نتذكر دائماً أن أكثر من 60 بالمئة من مجتمعنا هو مجتمع يعتمد على الزراعة ويعيش في مناطق ريفية وأن الزراعة هي أساس الاقتصاد السوري ، ومما يجب أن نتذكره أيضاً إن من أهم نقاط القوة تنوع البيئات الزراعية وخصوبة الترب الزراعية وهناك طاقات وإمكانيات كبيرة لتطويرها وتحسين استثمارها وتوفر اليد العاملة، وهناك إمكانية كبيرة لتنشيط الاستثمار الزراعي والصناعي ومن الممكن تطبيق الأساليب الحديثة والاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية وبالمقابل لا بدّ من تشخيص نقاط الضعف وتجاوزها من خلال إيجاد البدائل ولا سيما ما يتعلق بمحدودية المصادر المائية وقلتها فعلى سبيل المثال في محافظة الحسكة أكثر من 70% من المساحات القابلة للزراعة تعتمد على الهطولات المطرية المتذبذبة من سنة إلى أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تدني إنتاجية المحاصيل البعلية، وخاصة في المناطق الجافة منها بسبب انحباس الهطول المطري فيها لفترات حرجة للنباتات .
وثمة نقاط ضعف أخرى تتعلق بنوع الحيازة وحجمها ومدى ارتباط الفلاح بأرضه حيث يترتب على هذه العلاقة العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية وتعرف الحيازة الزراعية على أنها وضع اليد على الأرض وممارسة سلطة فعلية عليها من قبل الحائز بصفته مالكاً أو صاحب التصرف فيها. وبالتالي فإن أنواع الحيازات الزراعية أيضاً ظلت منذ عقود غير مستقرة وتتطلب التوزيع النهائي لتوفير الاستقرار للفلاح ، فهل نسرع للحفاظ على الأراضي الزراعية وحمايتها من الاعتداء المستمر من خلال الاستعمالات غير الزراعية؟
الأمر الآخر إن كافة المساحات المزروعة بعلاً قد خرجت من الإنتاج يضاف إلى ذلك أن المساحات المروية أيضاً تراجع إنتاجها بحدود ٥٠% ، وهناك مشكلة حقيقية في تأمين الأعلاف للثروة الحيوانية .
نقول ذلك والجميع يدرك أن السبب الأساسي في تراجع النشاط الزراعي و معاناة الأخوة الفلاحين الظروف الاستثنائية الصعبة التي فرضتها الحرب العدوانية على سورية، ولا سيما في محافظة الحسكة نتيجة وجود الاحتلالين الأميركي والتركي والميليشيات التابعة لهما ، والمعاناة تبدأ من عدم تمكن الأخوة الفلاحين من الوصول إلى حقوقهم مروراً بمنغصات التسويق ووصولاً إلى قطع الكهرباء والمازوت ومستلزمات الإنتاج ، إلا أن الفلاح مستمر في التحدي وثقتنا كبيرة بالأخوة الفلاحين الذين يدفعهم حسهم و انتمائهم الوطني بالتغلب على كلّ الصعاب .
ويبقى المأمول أن تكون الأولوية في منهجية عمل الحكومة تأمين المستلزمات الزراعية و أن تسعى الحكومة فعلاً، كما أشار وزير الزراعة إلى أن يكون القطاع الخاص شريكاً أساسياً وفتح الباب أمامه لاستيراد البذار والأسمدة والمبيدات ، وأن توضع آليات عمل تأخذ بالاعتبار أن السوق هو المتحكم بالهوامش الربحية وخاصة مع وجود متاجرة في مرحلة ما بين أسواق الجملة والمستهلك الأمر الذي يتطلب وجود مراكز تجميع وتأسيس شركات تسويق من قبل القطاع الخاص باعتباره أكثر مرونة من العام.
الكنز – يونس خلف