لأربعة أيام متواصلة كانت مدينة الحسكة – ولاتزال – مسرحاً لمعارك “افتراضية” بين ما يسمى ميليشيا قسد العميلة للاحتلال الأميركي وبين ما قيل :إنهم تنظيم داعش ذي المنشأ والصناعة الأميركية الذي حاول في هجوم “مباغت” تحرير معتقليه من سجن تديره الميليشيا، وعلى وقع معلومات متضاربة حول سيطرة الميليشيا العميلة على الوضع وقتل المهاجمين والفارين من جهة واستمرار المعارك بين الطرفين من جهة أخرى، وجدت قوات الاحتلال الأميركي فرصتها السانحة لممارسة بلطجتها العسكرية ضد أبناء المدينة الرافضين لوجودها ووجود مرتزقتها وقامت بقصف منازلهم وأحيائهم مرة جديدة بذريعة محاربة التنظيم الذي رعته في العراق وجاءت به إلى سورية واستخدمته مبرراً لتحالفها المزعوم ضد الإرهاب وتالياً تحول ذريعة لإقامة قواعد احتلالية في الجزيرة السورية.
حتى الساعة ليس واضحاً ما إذا كانت الميليشيا العميلة قد “سيطرت” على الوضع المتفجر في المدينة المنكوبة، لكن الواضح تماماً هو سقوط ضحايا مدنيين في الاشتباكات والقصف الجوي العنيف، وهروب الكثير من العائلات من منازلها في هذا الجو الشديد البرودة، حيث لا يفرق التحالف الأميركي بين هدف عسكري أو مدني، وهو ما فعله حقيقة في مدينة الرقة حين زعم تحريرها، لتتحول بفعل “تحريره” المزعوم إلى كومة أنقاض فوق رؤوس أبنائها.
من المثير للسخرية أن تتبجح واشنطن طوال السنوات الماضية بأنها تمكنت من إسقاط داعش وخلافته ثم يأتي مسؤول عسكري أميركي هو جون برينان ليقول :إن التنظيم لا يزال يمثل خطراً وجودياً للمنطقة وأن بقاءه في المستقبل يعتمد على قدرته على إعادة رص صفوفه..! فهل هو اعتراف أميركي بالفشل، أم إقرار صريح بأن مخططات واشنطن كانت تقتصر فقط على سرقة ونهب الثروات السورية الزراعية والنفطية وإقامة كيانات انفصالية عميلة لها..؟!
ربما السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا تحتفظ واشنطن بعشرات آلاف الدواعش في معتقلاتها ومعتقلات ميليشيا قسد الانفصالية دون محاكمة أو نية واضحة بتسليمهم للدول التي جندتهم؟..فهل تريد أن ترص صفوفهم مجدداً لاستخدامهم في مخططاتها القادمة، أم تريد إفلاتهم في لحظة الانسحاب، ليكونوا شماعتها الدائمة للتدخل..؟!
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود