الملحق الثقافي:سلام الفاضل :
الشاعر، والمترجم، والناقد الدكتور ثائر زين الدين هو أديب سوري عرفه مجتمع الفكر والثقافة العربيين عبر ما قدمه من دواوين شعرية تحمل كثيراً من العمق والرهافة، وكتباً نقديةً ناقشت أفكاراً امتازت بالجدة والتميز، وأعمالاً مهمة لأدباء ومفكرين مرموقين ترجمها عن اللغة الروسية، هذا إلى جانب عمله في الحقل الثقافي مديراً عاماً للهيئة العامة السورية للكتاب.
وقبل أيام قليلة صدر للشاعر ثائر زين الدين كتاب جديد حمل عنوان (مشاهد سورية) ضمن سلسلة «الشعر المترجم» الصادرة عن المشروع الأدبي «وردة الشعر» في بطرسبورغ في روسيا، وتضمن قصيدته «مشاهد سورية» التي أسهمت الشاعرة سفيتلانا سافيتسكايا بترجمتها ونقلها إلى اللغة الروسية؛ وللوقوف على حيثيات إصدار هذا الكتاب، وجديد الشاعر والمترجم ثائر زين الدين، وتسليط الضوء على آخر نشاطات هيئة الكتاب في إطلاقها الخطة الوطنية للترجمة لعام 2022، والمشكلات والعوائق التي تواجه مهنة الترجمة في سورية، كان معه اللقاء التالي:
تحدث زين الدين بداية عن قصيدته (مشاهد سورية)، وما حققته من شهرة وانتشار واسعين أسهما في نقلها إلى اللغة الروسية، قائلاً: «(مشاهد سورية) هو عنوان القصيدة الأكبر في مجموعة (وردة في عروة الريح) التي صدرت منذ عامين تقريباً عن وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب. وقد تُرجمت هذه القصيدة منذ زمن إلى اللغة الروسية، حيث نقلتها الشاعرة سفيتلانا سافيتسكايا، بمساعدة بعض المترجمين العرب، لتحوز فيما بعد اهتمام الجهات الأدبية الروسية، لما تناولته من حديث عن الحالة السورية منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 وحتى عام 2020، وتحصد لاحقاً ميدالية بطل الاتحاد السوفييتي فلاديمير كاربوف التي تُمنح للأعمال التي تهجو الحرب، لما للحرب من آثار مدمرة على البشرية جمعاء». ويتابع زين الدين حديثه متناولاً مشروع «وردة الشعر»، وإصداره لقصيدته «مشاهد سورية» ضمن كتاب حمل العنوان نفسه، بالقول: «أخذ هذا النصَ بعد ذلك مشروعُ (وردة الشعر)، وهو مشروع أدبي في بطرسبورغ في روسيا يُعنى باختيار نصوص أدبية مختلفة روسية وعالمية، وينشرها غالباً باللغتين (الروسية، والأم)، بالاتفاق مع المترجمة الشاعرة سفيتلانا سافيتسكايا، ثم أصدره قبل أيام قليلة في كتاب حمل عنوان القصيدة ذاته (مشاهد سورية) بطبعة لائقة وجميلة، وسيُقام لهذا الكتاب في 12 شباط القادم حفل توقيع في المكتبة المركزية العملية في موسكو؛ وسأعمل لاحقاً بالتعاون مع مشروع (وردة الشعر) على جلب هذا الكتاب إلى دمشق، وإقامة حفل توقيع له فيها، لما لترجمة هذا الكتاب من أهمية على الصعيد الشخصي، وعلى الصعيد العام، كون هذه القصيدة تتناول قضية الحرب على السورية، وقد تكون العمل الشعري الوحيد المتكامل الذي نُشر في هذا السياق».
وأما عن مشاريعه الجديدة في ميدان الترجمة، وما تخبئه الأيام القادمة من عناوين مهمة منتقاة من الأدب الروسي سيحرص كعادته على رفد القارئ والمكتبة العربيين بها، يبيّن زين الدين: «شارفت اليوم على الانتهاء من مشروع عكفت العمل عليه بروية، وهو مشروع ضخم يقع في نحو 300 صفحة بعنوان (مختارات من الشعر الروسي) لعدد غير قليل من الشعراء، سأقدمه قريباً إلى الهيئة العامة السورية للكتاب. وما يميز هذا العمل بأنه لا يُعدُّ عملاً أكاديمياً أو علمياً ينتهج منهجاً محدداً، بل إنه عمل انطباعي؛ فما يجمع بين القصائد التي ستضمها المجموعة هو ذائقة من اختارها فقط». ويردف متابعاً: «أما المشروع الآخر فسيُطبع في بيروت قريباً، وهو عبارة عن روايتين تُكمل إحداهما الأخرى؛ الأولى بعنوان (للاستخدام مرة واحدة)، والثانية بعنوان (تقاليد الشياطين)، وهما للكاتب الروسي جنكيز عبداللايف. وما دفعني إلى ترجمة هاتين الروايتين بمساعدة د. فريد الشحف، أن أحداثهما تدور في المنطقة العربية، وفي العراق تحديداً، وتسلطان ضوءاً كاشفاً على النشاط التخريبي للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وأذرعها العابثة في منطقتنا العربية، وذلك ضمن حبكة بوليسية جميلة».
وعند سؤاله عن الخطة الوطنية للترجمة لعام 2022 التي تعتزم الهيئة العامة السورية للكتاب إطلاقها قريباً كعادتها كل عام، يوضح زين الدين: «تتابع وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب التقاليد التي أرستها منذ إطلاق المشروع الوطني للترجمة عام 2017؛ وفي كل عام نصبح أكثر خبرة وتجربة في التعامل مع الثقافة والأدب العالميين. وفي هذا العام عملت الهيئة كعادتها على تشكيل لجنة تضم نخبة من خيرة المترجمين عن اللغات المختلفة، والنقّاد الخبراء في ميدان الترجمة، وقد اجتمعت هذه اللجنة مؤخراً برئاسة السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح، التي هي أيضاً مترجمة مهمة وذات خبرة كبيرة في مضمار الترجمة عن اللغة الفرنسية، وقدم أعضاء اللجنة مقترحاتهم حول الكتب التي رؤوا أهمية إدراجها في خطة هذا العام، حيث نوقشت محتويات هذه الكتب خلال اجتماعات اللجنة. وفي الأيام القليلة القادمة ستطبع الخطة، التي ستحتوي أغلفة الكتب وعناوينها باللغتين العربية والأم، وسيكون مجموع كتبها نحو 55 كتاباً، هي كالتالي: 23 كتاباً عن اللغة الإنكليزية، و9 كتب عن اللغة الفرنسية، و10 كتب عن اللغة الروسية، و3 كتب عن اللغة الإسبانية، و4 كتب عن اللغة التركية، و3 كتب عن اللغة الفارسية، و4 كتب عن اللغة الألمانية».
وعن المشكلة التي تعترض بعض اللغات في قلة عدد المترجمين عنها، ولا سيما بعض اللغات الشرقية كالصينية واليابانية وسواهما، يرى زين الدين: «إن هذه مشكلة حقيقية تعاني منها سورية منذ بدء الحرب عليها، لأسباب كثيرة لعل أهمها: سفر بعض المترجمين، أو وفاتهم، أو ابتعاد بعضهم عن مهنة الترجمة لتقدمه في العمر، أو اختياره مهنة أخرى للعمل فيها نظراً لضعف دخل هذه المهنة المادي». ويضيف: «وعلى الرغم من هذه الصعوبات والعوائق التي تعترض مهنة الترجمة، إلا أننا في هيئة الكتاب، نعمل على إيجاد من يتقنها، ونحرص على تشجيع الخبرات الجديدة بأن نقرأ لها، ونقوّمها، ونقدم لها فرص العمل، كما نسعى دائماً إلى تسخير جهودنا كافة للنهوض بالمشروع الوطني للترجمة».
ويقدم زين الدين في حديثه جملة من النصائح والتوجيهات للراغبين حديثاً العمل في ميدان الترجمة، ويفندها في عدد من البنود والنقاط، لعل من أبرزها: «ألا يستخف المترجم في عمله كأن يعتمد على الترجمة الآلية مثلاً، إلى جانب ضرورة إتقانه اللغتين المنقول منها وإليها، والحفاظ على جمالية الترجمة، وأن يكون المترجمون لأعمال أدبية، أو شعرية، أو روائية أدباءً في لغتهم الأم، وخير شاهد على ذلك ترجمة د.سامي الدروبي المتميزة لأدب دويستويفسكي، وترجمة الأديب حسب الشيخ جعفر من العراق للشعر الروسي، وأدونيس الذي ترجم بعض الشعراء الفرنسيين إلى العربية، ودويستويفسكي الذي ترجم عن الألمانية وسواهم».
وفي الختام تمنى زين الدين تضافر الجهود كافة بغية تحقيق مزيد من النمو لمهنة الترجمة، عبر تأهيل المترجمين المتمرسين، والعمل على زيادة أعدادهم، ورفع خبراتهم مما يؤهلهم للنهوض بالمشروع الوطني للترجمة.
التاريخ: الثلاثاء25-1-2022
رقم العدد :1080