بصراحة عانينا منذ عقود مما اصطلحنا على تسميته فيما بعد “أزمة الإدارة”. برأيي أنه مصطلح أخترع للسترة! أو ربما لتغليف وتجميل الواقع السيئ، حيث استطاعت الموارد الجيدة -إلى حد ما- أن تساعد على سياسة التخفي والابتعاد عن المواجهة. فبنينا بناء أوجد آلية شبه دائمة تقذف بالكفاءات القادرة على القول والفعل بعيداً، وتقدم إلى مواقع الإدارة من لم يعتمد في وصوله على كفاءته العلمية ومقدرته الذاتية.
ثلاثة عوامل أساسية أثرت في اختيار الأشخاص لموقع الإدارة:
-الواسطة التي لم يبتعد الفساد يوماً عن تحديد شروط عملها.
-الاستعراض التنظيمي والعلمي لإظهار مواصفات للواقع لا تتوافر فيه.
-الحاجة الطبيعية لمن يتخذ القرار بما يسمح باستمرار شروط الحياة على ما هي عليه، دون الدخول بما يشبه المغامرة.
وهكذا مشت الأمور، بمقدرة مقبولة لمواجهة غير حاسمة لما واجهنا من مشكلات الحياة.
لم يكن من السهل مع الأزمة غير المسبوقة بالغة التعقيد التي نعيشها اليوم أن نستقدم كبار العقول والأدمغة للمساعدة. بصراحة لم يكن ذلك متيسراً على تلك الدرجة من السهولة. افتقار القرار الإداري للكفاءة.
كثيرون منا وربما كلنا يجهل ما الذي يجري؟! لنقع فريسة الأقوال والشائعات التي تزيدها غموضاً وانتشاراً تصريحات البعض حول حقيقتها وسبل الخروج منها. الشيء الوحيد الذي نفهمه من مسببات ما يجري هو الأزمة الصاعقة بجد، المحاطة بالظروف القاهرة التي فرضتها الحرب وقوة الحصار. لذلك يفهم المواطن العادي أن يكون هناك صعوبات واختناقات في تأمين مقومات حياته من ماء وكهرباء ووقود وغذاء ودواء. لكنه لا يفهم أبداً ولا يريد أن يفهم، أن تختفي الحاجة من أمامه لتظهر بوفرة لدى المهربين ولصوص الأسواق السوداء!.
المؤسسات إن تحركت تستنجد بقرارات سابقاتها .. رغم اختلاف كل الشروط وتغير جميع المعطيات .. فإن وفقت إلى غايتها .. أعادت إنتاج الماضي بعيوبه ومشكلاته وما استحق على هذه المشكلات من إضافات حولتها إلى معضلات حقيقية. هكذا وكأن الزمن ثابت ينتظرها!.
وهيهات ..أن يكون لنا ذاك الماضي .. فقد مضى .. ولم يكن قادراً على حماية نفسه فكيف سيحمي ظروفاً سيئة ينتجها الواقع الأكثر سوءاً.
وعلى الرغم من أن المرء قد يتلمس هامش جرأة في قرار تعطيل المدارس والمؤسسات الحكومية لمواجهة الظروف الطارئة التي يعيشها البلد، ولاسيما من ناحية ظروف الطقس.. إلا أنه يبقى قراراً بسيطاً .. نتمنى أن يبشر بأي تغيير كان.
معاً على الطريق- أسعد عبود