ربما لا نأت بجديد عندما نتحدث عن تاريخ سورية الموسيقي الذي شهدت فيه مدينة أوغاريت انطلاقة أول نوتة موسيقية ومنها انتشرت إلى العالم، ولكن الجديد هو العمل على إحياء هذا التاريخ الموسيقي الذي يمتد لأكثر من 3000 عام في حدث عالمي هو الأول من نوعه.
ففي صرح دار الأسد للثقافة والفنون اجتمع موسيقيون ومغنون من أنحاء سورية ومن دول الاغتراب، يقومون بالتحضيرات المكثفة لعمل موسيقي بتوقيع الموسيقي إياد الريماوي وقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، وهو أول عمل موسيقي مخصص للاحتفال بتاريخ الغناء الجماعي في سورية والعالم في محاولة منهم لتقديم رسالة إلى العالم بأن ما يوحد الإنسانية هو أكبر بكثير مما يفرقهم وأن الموسيقا لاتزال لغة الشعوب التي توحدهم وترتقي بالمشاعر الإنسانية وتسمو إلى القدسية والنقاء.
“الرابسودي” وهو اسم الفريق الموسيقي السوري، سينطلق إلى مهرجان أكسبو دبي في السابع من شباط لإحياء ثلاثة آلاف عام من تاريخ الموسيقا السورية والعالمية معاً، تمتد من أوغاريت مروراً بالسريانية والإنشاد الصوفي وصولاً إلى الموسيقا المعاصرة، تقدم الإرث الثقافي الموسيقي السوري بلغة أوركسترالية، وتأخذ الجمهور في رحلة نادرة من موسيقانا العريقة.
ومن يستقرئ التاريخ لابد سيقف عند معالم كثيرة تدلل أن سورية كانت تشكل محطة هامة في العالم الموسيقي، فليست النوتة وحدها التي تربعت على عرش الموسيقا، بل واكبتها فرق غنائية في مدينة ماري التي سجلت أقدم مشهد لفرقة موسيقية وعرفت الآلات الموسيقية أيضا لتكون أورنينا عازفة معبد عشتار رمزاً للشعر الغنائي والموسيقا، وملهمة للعام بأسره قبل آلاف السنين.
هذا الإرث الموسيقي العريق لا شك يحتاج دعماً والتفاتة جادة للحفاظ عليه، لأنه هويتنا وتاريخنا وحضارتنا، وقبل كل شيء هو إرث الأجداد، والحفاظ عليه يعني الحفاظ على التراث والثقافة، والأهم الحفاظ على مجد عريق نباهي به الأمم.
وأظن أنه من الأهمية بمكان العناية بالثقافة الموسيقية وتكريسها عند الأجيال الناشئة، فهي ترتقي بأرواحهم إلى عالم الخير والجمال والفضيلة، ولنفخر بأيقونة الأرض ونزهو بسورية الموسيقا.. سورية الفن.
رؤية -فاتن أحمد دعبول