تشهد مراكز التسوية في عدة محافظات إقبالاً واسعاً من قبل الراغبين بتسوية أوضاعهم، وثمة ارتياح شعبي كبير إزاء المصالحات المحلية، لما تساهم فيه من ترسيخ الاستقرار والأمان، ولا شك في أن المناطق الأخرى التي ما زالت تعاني من الإرهاب، كما هو الحال في إدلب، ومنطقة الجزيرة ، وبعض ريف حلب، يتوق أهلها للخلاص من جرائم التنظيمات الإرهابية، وينتظرون موعد تحريرهم من براثن الإرهاب قريباً.
المصالحات الوطنية أثبتت من خلال التجارب السابقة والحالية، أنها خيار ناجع، وقرار صائب اتخذته الدولة السورية لإعادة المغررين بهم إلى حضن الوطن، وهي لم تزل تقدم التسهيلات اللازمة، وتبذل جهوداً مضاعفة لإنجاح هذا المسار، وهذا في الواقع يعكس مبدأ التسامح الذي تنتهجه القيادة السياسية، بما يخدم سياسة الحوار الوطني، والتي كانت على رأس اهتماماتها منذ بداية الحرب الإرهابية، فالمكان الطبيعي للمغررين بهم، هو الوقوف إلى جانب الجيش العربي السوري، وتوجيه بوصلة السلاح إلى فلول التنظيمات الإرهابية وداعميها من المحتلين الأميركي والتركي، وكذلك توجيه هذا السلاح إلى وجه العدو الإسرائيلي الذي لا ينفك عن شن اعتداءاته الغاشمة لحماية مرتزقته على الأرض، ولمحاولة منع سورية من استعادة قوتها، والعمل على تحييد دورها القوي والفاعل، ليتسنى لهذا العدو تمرير مخططاته وأجنداته التوسعية في المنطقة.
حقن دماء السوريين، وضمان استمرار أمنهم وسلامهم، والحفاظ على الوطن، وصون سيادته واستقلاله، هي ثوابت ومسلمات ترتكز عليها القيادة السياسية لتعزيز الوحدة الوطنية، وتوحيد الجهود لمواجهة أعداء الوطن من الخارج، ومنذ بداية الحرب الإرهابية، حددت الدولة السورية خيارات المواجهة، انطلاقاً من نظرتها الثاقبة لأبعاد وأهداف المخطط الإرهابي المعد مسبقاً في مطابخ الاستخبارات الأميركية والصهيونية، فخاضت المعركة على مسارين متوازيين: “ضرب الإرهاب بقوة، والقيام بمصالحات محلية لمن أراد العودة عن الطريق الخاطئ”، فتمكنت من دحر الإرهاب عن معظم الجغرافية السورية، وأثبتت صوابية رؤيتها بأن الحل الأنجع هو سوري عبر تعزيز الحوار الوطني، ولا مكان لأي عميل خائن ارتضى التبعية والارتهان للأجنبي الغازي والمحتل.
عمليات التسوية الشاملة الجارية اليوم، وإنجاز اتفاقات التسوية التي حصلت في أكثر من منطقة احتلها الإرهابيون سابقاً، لم تكن لتحصل لولا مسيرة الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري، وما قدمه من تضحيات خلال تصديه للحرب الإرهابية، فتلك الإنجازات شكلت ولم تزل الرافعة الحقيقية لمسيرة المصالحات الوطنية التي أثبتت فعاليتها، وأعادت الكثير من المغرر بهم إلى حضن الوطن، وجيشنا الباسل لن يتوقف عن إنجازاته حتى استعادة كل شبر أرض، ودحر كل قوة غازية ما زالت تحتل أجزاء من الأرض، بما يعيد الأمان والاستقرار لكل ربوع سورية.
البقعة الساخنة- ناصر منذر