يزعمون أنهم يحاربون داعش على أرضنا، حجة أميركية واهية، مثل كل الحجج والذرائع التي تطلقها للتحرش بالدول التي تهدف لتدمير مقدراتها وفرط عقدها الاجتماعي.. ما يحدث الآن في الحسكة يفوق كل الاعتبارات فليس فيه احترام لسيادة الدولة ولا لكرامة المواطن..
العالم يغط في سبات وكأن الأمن والسلام يلفان الحسكة بدفء يقيها من برد لملم شتاءات قادمة ليصب جامه على العالم ونحن منهم. هل صُمَّت الآذان وابتلعت الألسنة، هل جفت الحلوق وعميت العيون عما يحدث في الحسكة، أين بيدرسون تراه تجمد ومن أوفده..مات مجلس الأمن.
أين أصوات المنافقين ومطبلي السلام والسلم المشوبين بحداد ألسنة كاذبة.. أين أصوات وأقلام المتهالكين على أبواب طرقوها لينالوا مكاناً في جنيف وأستانا وسوتشي. ألم تصلهم صور البيوت التي تهدم على رؤوس ساكنيها بحجة اختباء داعشي. في مشهد منسوخ مما يحدث في فلسطين..
الحدث مسرحية هوليودية مسرحها مدينة الحسكة، أبطالها القوات الأميركية، ممثلوها الثانويون أفراد داعش، الكومبارس فيها قسد. الهدف الهيمنة على الشمال السوري والنتائج المطلوبة مما يحدث على ساحة المسرح هو التغيير الديمغرافي، وهتك معالم الدولة في أذهان سكان المنطقة..
الذريعة هنا في عنوان المسرحية، هروب سجناء داعش من سجن غويران.. (سجن الصناعة) لأنه أصلاً الثانوية الصناعية، كيف لسجناء حبستهم أميركا ويُعدُّون بالآلاف كما يدعي إعلامهم أن يهربوا (بتفجير) والحماية أميركية. لتبدأ عملية قصف المدنيين بحجة ملاحقة وضرب الفارين.
أما متن النص المسرحي، فتسليم الحسكة لقسد الذراع الأميركي، والحبكة تبديد معالم الحياة وأبسط مقدرات العيش للمواطن. وإلا لِمَ تُضرب صروح جامعة الفرات بالطائرات الأميركية.. وتُدمَّر المرافق العامة، ومحيط صوامع الحبوب. تهجير أبناء العرب في الأحياء المختلطة الأفراد..
غويران كانت تنعم بالمحبة بين أفرادها، حيث لا فرق بينهم إلا بمقدار الحب والانتماء للأم سورية.. فيلمٌ هوليودي أم مسرحية لا فرق، المشهد يفقأ العيون.. أصبحت الأهداف جلية، تغيير ديمغرافي للمدينة، بتوطين الغرباء ممن يوالون المخطط الأكبر.. المغرر بهم كما أهل أربيل..
الهدف القريب تسليم المدينة لقسد.. أما البعيد فهو وضع اليد الأميركية على كامل الشمال الشرقي لسورية، التي وهبها الله من الخير العميم ما يفيض عن الاقتصاد الوطني لذلك يشددون الحصار على الوطن سورية. وبث اليأس في نفوس أبناء الشعب اللاهث خلف لقمة العيش..
المخطط أكبر حتى مما يحدث؛ فهروب الدواعش وتسهيل ذهابهم باتجاه التنف ونقل البعض بالحوامات صار واضح المعالم، لإعادة تأهيلهم واستغلالهم في عمليات لمخطط كبير داخل سورية والعراق. وقد يكون تبديل أسماء المجاميع الإرهابية للدواعش مهمة ثانوية لما يحدث.
هل درب الدواعش داخل السجن الأميركي القسدي لإنتاجهم من جديد، والملاحقة والقتل للدواعش غير القادرين على إعادة تدويرهم؛ بعد رفض دولهم استقبالهم، ما يسهل الأمر على القسديين والمشغلين في آن واحد.. لاستهداف من يدعونهم بأنهم موالون للدولة، هذا كاف لتنجلي الحقيقة.
الأمر أكبر من الحسكة وما يحدث فيها، إنه استكمال للمخطط الصهيوني فالدوائر الأمنية الصهيونية في فلسطين المحتلة؛ تخشى من تدخل مباشر لروسيا المتواجدة قواتها في سماء سورية وضمن الدوريات المشتركة.. لذا لابد من أن تقول داعش حية. ما يحدث الآن على الساحة السورية قَطَرْ تتصدره أمام الستار، وخلفه في الدعم المرادف أميركا وتركيا والكيان الصهيوني..
تحاول لملمة ما يسمى المعارضات في تجمع الدوحة، الذي تحضر له في آذار لتنسيق رؤية مشتركة مع الإخوان المسلمين، ومنصات القاهرة، وموسكو، وهيئة التنسيق في الداخل السوري. محاولة جمع أكثر من 90 شخصاً، معظمهم لم يلبِ الدعوة وفق مرجعيتهم المشغِّلة لتضارب المصالح.
كل يريد السيطرة على قرار المعارضة، لتحقيق مكاسب يعلمون سلفاً أنه لا طائل أمامهم لنيلها السعودية تغيب عن المشهد فهي غرقى في مستنقع اليمن، وتورط نفسها في عاصفة لبنان. لذا تتصدر المشهد الدوحة، محاولة الإمساك بورقة تظن أنها تستثمرها سياسياً ليكون لها مكانة.
إضاءات- شهناز صبحي فاكوش