الثورة – ترجمة غادة سلامة:
في العقد الماضي، كان على أوروبا أن تتحمل فترات الركود وأزمة الهجرة والآثار المستمرة للوباء العالمي في ظل الضغط المتزايد، وعلى رأس القضايا الديموغرافية طويلة الأمد، يعيد الاتحاد الأوروبي الآن النظر في عملية التوسع.
يبدو أن التجارب الأخيرة للكتلة، جنبًا إلى جنب مع أكثر من عقد من عدم اليقين المتزايد، قد أقنعت صانعي السياسة الأوروبيين بعدم توسيع الكتلة لتشمل غرب البلقان، وأصبح هذا واضحًا بشكل متزايد في الرواية الرسمية للاتحاد الأوروبي.
أصبحت القضية التي كانت دائمًا موضوعًا مثيرًا للجدل بين الأعضاء الراسخين، أكثر تركيزًا على الهويات، وقد توتر الرأي العام بشأن فكرة زيادة حجم الاتحاد الأوروبي، والمزاج السائد في البلقان على وجه الخصوص، لم يبدُ جيدًا لفترة من الوقت، والأسوأ من ذلك أنه لا يظهر أي علامات تحسن.
في عام 2019، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن “الاتحاد الأوروبي ارتكب خطأ جماعيًا بإعلانه عضوية الاتحاد الأوروبي لأنها أساءت إلى علاقته مع دول غرب البلقان”.
بعد ذلك بوقت قصير، وبمبادرة من فرنسا، توصل الاتحاد الأوروبي إلى منهجية توسيع منقحة للدول التي تسعى إلى الانضمام إلى الكتلة، تسمح هذه المنهجية المنقحة لمرشحي الانضمام باشتقاق الفوائد المالية لعضوية الاتحاد الأوروبي في مجالات محددة عند الانتهاء من الفصول ذات الصلة.
ومع ذلك، في حالة استقرار تقدم المرشحين في أي وقت، فإن الامتيازات والمحفزات تأتي معه، ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن النظام الجديد يستلزم إمكانية أنه إذا لم يتم إجراء إصلاحات حاسمة فلن يتقدم المرشحون أبدًا، وبالتالي لن يصبحوا أعضاء كاملين في الاتحاد الأوروبي.
ستصبح دول البلقان العالقة في هذا المأزق جزءًا مما يمكن اعتباره الرؤية الاستراتيجية الجديدة للاتحاد الأوروبي: وبدلاً من الأعضاء، ستكون هناك مجموعة من الدول الشريكة في الاتحاد الأوروبي.
وهذا يعيدنا إلى ما قاله ونستون تشرشل منذ عقود، والذي تحدث بالمثل عن علاقة المملكة المتحدة بأوروبا قائلاً: هذه الدول هي مع أوروبا، ولكنها ليست منها.. بعبارة أخرى، سوف يجنون المزايا الأساسية لوجودهم في الكتلة، لكنهم يفتقرون إلى الوصول إلى جزء أكبر من الفوائد التي يتمتع بها أعضائها الأعلى رتبة.
ولكن لا يعني ذلك أن كل شيء قاتم بالنسبة للدول، لا يزال بإمكان الدول المنتسبة أن تتمتع بقدر ضئيل من الاستقرار المصحوب بالارتباط بالكتلة.. وخارج نطاق حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي، يمكن للدول المنتسبة من منطقة البلقان في المستقبل أن تكسب وقتًا ثمينًا لإبطاء تدهورها الديموغرافي الحاد، ما يمكنها من صياغة واعتماد وتنفيذ سياسات جديدة استجابة لهذه الاتجاهات المقلقة.
وبالمثل، لن يتم تقييد الدول الشريكة لتحقيق النجاح الاقتصادي وستستفيد من زيادة حركة رأس المال، والاستثمار متوسط الحجم، وحتى مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تقود النمو.
في الوقت الحالي، صربيا هي مرشح الاتحاد الأوروبي الوحيد في البلقان الذي يستفيد استفادة كاملة من هذا المنصب.. بينما تنتظر عضوية الاتحاد الأوروبي، وقعت بلغراد اتفاقيات شراكة إستراتيجية ليس فقط مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الراسخين مثل فرنسا وإيطاليا والمجر، ولكن أيضًا مع دول غير أعضاء، بالإضافة إلى تعميق التعاون مع هذه البلدان في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا ومجموعة من القضايا الأخرى، وسعت صربيا اتفاقيات التجارة الحرة الخاصة بها بعيدًا عن الكتلة التي تطمح للانضمام إليها.
الآن صربيا قادرة على الوصول إلى سوق مشترك يضم أكثر من مليار شخص، وستحاول بالتأكيد الحفاظ على هذه الميزة التنافسية في جذب الاستثمار، وطالما أن دول البلقان لا يتم النظر إليها بجدية كأعضاء محتملين، لذا يمكن أن تسمى هذه الأنواع من الارتباطات “لعبة خبيثة”.
بقلم: ستيفان أنتي