الملحق الثقافي:سعاد زاهر:
اختفى فجأة ولم يعد يطرق بابها ليبيعها الحليب، بداية لم تتساءل عن السبب اعتبرت الأمر سيان، خاصة حين بدأت تقرأ عن أضراره، مع مرور الوقت وغيابه الطويلة …ومع منظر الحديقة الصغيرة الملاصقة لمنزلها والتي كان يعتني بها كلما أتى، جعلها تتساءل عن سر غيابه..!
مع الانشغال الطويل، نسيت حكاية بائع الحليب، ولكنها صباح اليوم لمحت أحدهم في سيارة فارهة بدا لها أنه بائع الحليب، لكنها نفت الفكرة، وتوقعت أنه مجرد شبيه له…
إلى أن اجتمعت في صباح ربيعي مع جارتها حينها مرت سيارته ببطء شديد كأنه يتقصد أن يراه الجميع، أشارت لجارتها…أليس هوالبائع الذي لطالما اشترينا منه الحليب ولم نتمكن يوماً من جعله يصبح لبناً طبيعياً مهما فعلنا إذ أن كثرة الماء تجعله دائماً خارج عن السيطرة…كحال صاحبه وهو يسرع بعد أن تأكد أن كل من في الحي قد شاهده…!
جارتها التي على ما يبدو أنها تعرف الكثير عنه باعتبارها زبونة قديمة، قالت: لطالما توقعت له مستقبلاً باهراً فهو يتقن كل فنون التلاعب، مع أنني عاتبته عدة مرات على إضافة الماء للحليب، ورفعه السعر مراراً.. إلا أن حديثه عن سوء حاله وهو الذي يرعى أولاده الستة …كان يجعلني عاجزة عن اتخاذ أي موقف، إلى أن أتى يوم وعرفت أنه لم يتزوج يوماً وحتى الحليب الذي نشتريه منه، إنما يبادله بسلع معينة، ويضاعف الكمية مرات عديدة، بالطبع هذا كله اكتشفته صدفة حين كنت أبحث عن بيت جديد أستأجره بديلاً عن منزلي الذي يصر صاحبه على استلامه مني، فإذا بي أجتمع بالحلاب في بناية قل نظيرها..
مشاهدتي له ومعرفتي لوجهه الحقيقي لم يربكه …على العكس ها هو يأتي إلى هذا الحي معتبراً أنه في يوم قريب سيمتلك أيضاً العديد من بيوته كما أوحى لي حين رفض تخفيض سعر أجرة المنزل الذي أعجبني…!
التاريخ: الثلاثاء22-2-2022
رقم العدد :1084