خسر التفاح السوري أسواقه الخارجية من باب الأثر المتبقي في المبيدات، ولم تكن أسعار التفاح في أسواقنا متوفرة بسعر منخفض كما هي عليه هذه السنة بسبب منع دخولها الى السوق المصرية بشكل خاص التي كانت تستجر كميات كبيرة من التفاح السوري.
الأمر له أبعاد كثيرة، في الدرجة الأولى على المزارع الذي تكبد خسائر كبيرة بسبب انخفاض أسعار التفاح، وله بعد بما يخص تصنيع المبيدات وتوريدها واستعمالاتها، وهناك بُعد أخطر بكثير متعلق بما يدخل أسواقنا من الفواكه والخضار ومدى احتوائها على الأثر المتبقي.
إذا كانت الدول الأخرى حريصة على مواطنيها بمنع دخول منتجات فيها أثر متبقٍّ للمبيدات يجب أن تكون الجهات المعنية لدينا حريصة أيضاً على المواطن، فما تم رفض دخوله الى أسواق الدول الأخرى من المنتجات السورية يستهلكه المواطن السوري بأثره المتبقي ولو لم يبقَ .
صناعة المبيدات في سورية ملف عجزت عن حله كل الجهات المعنية على مدى سنوات طويلة، والعجز ليس لغياب النوايا الصادقة بل لسيطرة المصالح الشخصية في الجهات المشرفة والمعنية بهذا الملف وسن تشريعاته التي لا تنطبق إلا على أشخاص بعينهم، ومَن يقرأ المعالجات في هذا الملف يجد حالة انتقامية في التعديلات التي تتم كل مرة على قرار السماح بتصنيع المبيدات بما يشير الى موطن الخلل بشكل واضح، وبالتالي المشكلة الحقيقية للمبيدات بمرجعيتها.
الأثر المتبقي للمبيدات في المنتجات الزراعية ناتج عن غياب المواصفة في تصنيع المبيدات، ومن وجود مبيدات مجهولة المصدر، ومن مبيدات منتهية الفعالية أجبرت المزارع لتكرار رشها مرات متتالية ولم يستفد إلا بترك أثر متبقٍّ في الخضار والفواكه.
ملف المبيدات الصحية أكثر خطورة من ملف المبيدات الزراعية ولكن يبدو أن المصالح الخاصة والشخصية تتفوق على كل الاعتبارات، الصحية التي تكلفنا فاتورتها غالياً مادياً وضحايا، والبيئية التي أهلكت كل أشكال التوازن فيها وضربت النظم البيئية.
لا توجد صناعة مبيدات، وما يتم في هذا القطاع تجارة خالصة، فما يتم توريده ليس مادة فعالة بمعظم الحالات، وإنما مبيدات جاهزة، وما دامت هناك حصرية بشروط الجهات المشرفة على توريد المادة الفعالة والمبيدات مع غياب مخابر التحليل أو تطويعها ستتعاظم فاتورتنا الصحية وسيرتفع عدد الضحايا، وستخسر كل منتجاتنا مقاصدها التصديرية .
الدخول الى ملف المبيدات بشكل صحيح قد يكشف خفايا وفساداً ومطارح ضريبية تفوق غيرها من القطاعات، التفاح اليوم أرخص فاكهة في الأسواق السورية، أبونا آدم خرج من الجنة بتفاحة، فهل يكشف تفاح السوريين خفايا ملف المبيدات ويُنهي فوضى وفساد صناعته؟.
معاً على الطريق- معد عيسى