الثورة – ريم صالح:
هل ما يشهده الكوكب من حروب، ودمار، وثورات مفتعلة، وأزمات كارثية، هي وليدة الصدفة المحضة حقاَ؟!، أم أن ما يجري تم التخطيط له سلفاً في غرف استخباراتية ظلامية، وبأوامر من جنرالات ومجرمي حرب أمريكيين، وغربيين، وإسرائيليين؟!.
الإجابة على هذا السؤال أتت على لسان العديد من المواقع الإخبارية، دون أن ننسى كلام وتصريحات الكثير من المحللين السياسيين، والخبراء الاستراتيجيين، ففي نهاية العقدين الأخيرين من القرن الماضي وبحسب ما ذكره موقع رأي اليوم فقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية بالتفكير عن طريق مفكريها، ومراكز أبحاثها بالبحث عن طريقة لتدمير الدول المقاومة للهيمنة والاستكبار، والشعوب السيادية، فوصلت إلى فكرة تخريب هذه البلدان عبر اختلاق ثورات مصطنعة، يتم دعمها من قبلهم، فإما أن تنجح هذه الثورات التآمرية ووسيلة الانقلابات العسكرية، وتؤدي الغاية المرجوة منها بإسقاط الأنظمة السيادية، وإما أن تكون هذه الثورات المفتعلة هي الأداة والحجة للتدخل الغربي العسكري في هذا البلد، أو ذاك، وضربه، وتفتيته، وتحويله إلى كانتونات متناحرة مشرذمة.
والحقيقة إن هذا قد حدث بالفعل في رومانيا في ثمانينات القرن الماضي، عندما قام الأمريكيون والأوروبيون بإثارة الشغب والقلاقل في أوساط الشعب الروماني، وشراء بعض قادة الجيش الروماني، وكانت النتيجة أن قام من تم شراؤهم بإلقاء القبض على الرئيس الروماني نيكولا تشاوشسكو المعروف بمعاداته لأمريكا، وللغرب عموماً، وقتله هو وزوجته، وهذا ما حاول الأمريكي تكراره في يوغسلافيا أيضاً في تسعينات القرن الماضي، حيث حاول اللعب على إثارة النعرات الدينية والإثنية، وعندما لم تنجح الخطط الأمريكية كلياً، قام حلف الناتو بالتدخل عسكرياً في يوغسلافيا، ودمر البلاد، وجزأها كلياً.
ومع بداية القرن الحادي والعشرين انتقلت صناعة الثورات المفتعلة أمريكياً وصهيونياً إلى مرحلة جديدة أكثر دهاء سياسياً، عبر افتتاح مراكز تخصصية لصناعة الثورات الملفقة، ومن أشهر هذه المراكز مركز ألبرت أنيشتاين الذي أسسه الصهيوني جين شارب، وأصبح يطلق على هذه المؤامرات اسم الثورات الملونة، فكانت بدايتها في جورجيا عام 2004، وذلك لمحاولة حصار روسيا، فقامت هناك مظاهرات مفتعلة ضد الرئيس ادوارد شيفرنادزة، ونفس الأمر تكرر في عام 2014 في أوكرانيا، وذلك بعد أن فشلوا في أن يحدثوا ثورة ملفقة في روسيا عام 2012، بسبب تماسك الشعب الروسي مع قيادته فقررت أمريكا أن تحاصر روسيا تماماً عبر الحديقة الأوكرانية، متوهمة بأنها قد تنال بذلك ضالتها التخريبية الإرهابية الهدامة، وتبقى القطب الوحيد كونياً.
السيناريو ذاته تكرر في البرازيل، وفنزويلا، وفي سورية أيضاً، ومن منا لا يذكر ما حدث في سورية في عام 2011، ومن منا لا يعرف من الذي رسم الخطط العدوانية، وأعطى الإيعازات الإرهابية، واستقدم الإرهابيين والمتطرفين من أرجاء المعمورة الأربعة؟!، ومن الذي عقد المؤتمرات التآمرية، وتلطى بستار الإنسانية ليبرر تواجده غير الشرعي على الأراضي السورية؟!، ومن الذي أوغل بقتل السوريين وتجويعهم بسيف قيصره اللا قانوني، واللا شرعي؟!، ومن ومن؟!.
وهنا لنا أن نراجع سجلات التاريخ، ونستذكر ما قاله أول رئيس وزراء لحكومة الاحتلال الإسرائيلي ديفيد بن غوريون في مذكراته، عندما أكد أن “إسرائيل” تؤمن أن قوتها ليست في امتلاكها للسلاح النووي، وإنما في تفتيت 3جيوش لدول عربية كبرى، هي العراق، وسورية، ومصر، وتحويلها إلى دويلات متناحرة.
ولعل هذا ما قامت به فعلياً أمريكا في العراق، وما تحاول القيام به في سورية، وإن كانت الأصابع الصهيونية الخفية ترسم تلك السيناريوهات من تحت الطاولة، ومن وراء الكواليس.
ولعل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وفي خطابه أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 27ايلول عام 2019 قد أصاب كبد الحقيقة عندما قال: إن سبب تفتيت المجتمع الدولي يعود إلى إحجام الدول التي أعلنت نفسها منتصرة في الحرب الباردة عن مراعاة المصالح المشروعة لجميع الدول الأخرى، وقبول حقائق المسار الموضوعي للتاريخ، مشدداً على أن الغرب يحاول عرقلة تطور العالم متعدد المحاور، وفرض معايير سلوكه على الآخرين.
الصورة اكتملت أركانها، لا مكان للمواربة أو الاختباء، دائَماً وأبداً فتش عن راعي الإرهاب الأمريكي، انتهى الكلام، نقطة من أول السطر.
