هي ليست الحرب بل أكثر.. و أعمق من أن تكون امتداداً لبرودة اشتعالها الثاني من الماضي..هي الفصول الأربعة للنظام العالمي الذي تترنح فيه ورقة الأحادية الأميركية وتشب منها براعم القطبية المتعددة.. الأزمة في أوكرانيا هي المرآة الكاشفة لسياسة الغرب والمعرية لحلف الناتو.. هي تجاعيد واشنطن على وجه بايدن وترهل جسم العجوز الأوروبية العسكري والاقتصادي والدبلوماسي أيضاً.. وهي أيضا مرونة الموقف الروسي الذي يغطس في صقيع الدبلوماسية ويخرج بحرارة الرد حين يقاوم أجواء المنخفضات السياسية والأخلاقية للغرب وخاصة أميركا…
مجموعة من الأغبياء.. قد يكون كلام (حكمة) في وصف حكام أوروبا وأميركا من فم دونالد ترامب بذنوبه وجنونه السياسي.. وليس حباً بروسيا بل انقساماً على بايدن مجدداً وطمعاً بالولاية الأميركية القادمة.. لكنه الوصف الذي يعبر الصدمة من سلوك الناتو وزعمائه إلى تحليل استفزازهم لروسيا وتوريطهم لأوكرانيا وندبهم عليها فوق أسطول حلف الأطلسي!.
وإن قال دونالد ترامب إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الأذكى فالصين هي من ردت بأن واشنطن هي الأخطر وهنا يبرز التحالف الدولي الجديد الذي يعيد تعريف العالم من مبدأ الدول الغازية لتحتل أميركا المرتبة الأولى بغزوها ثلاثين دولة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وحتى اللحظة..
واشنطن تغزو الدول براً وجواً وسلطةً تزرع مجموعة من الدمى على خارطة مصالحها وتطلق الناتو لترسيخها على الحكم وتثبيت الولاء للبيت الأبيض.. هذا ماجرى في أوكرانيا وهذا ما جرّ المشهد الى درجة تفكك الاتحاد الأوروبي داخل الناتو نفسه.
صامويل دوفري فيسترباي مدير مركز مجلس الجوار الأوروبي للدراسات قال بقلمه أيضاً إنه لايوجد اتحاد بين الأعضاء في حلف الأطلسي وقد يكون ماكرون أصاب عندما قال إن الناتو مات دماغياً..
فالعقوبات الغربية على روسيا ترعب الذين يلوحون بها أصلاً.. ولا مجال لأن ترى العجوز الأوروبية طريقها الاقتصادي في عتمة انقطاع الطاقة الروسية عنها.. بايدن لن يعيرها عكازه مجاناً سيبيعها النفط مقابل جواهرها السيادية والاقتصادية.. سيسحب عسكره من أوروبا لصالح مصالحه في آسيا.. ويكون الأوان قد فات لأن تفكر العجوز الأوروبية بالاستقلال الاستراتيجي عن أميركا حين تكون تابعة اقتصادياً للبيت الأبيض..
الأزمة في أوكرانيا تعيد تصنيف الدول والقيم الإنسانية والنظام العالمي الجديد.. تقدم واشنطن وحلفاءها على أنهم الأغبياء الورثة لماضٍ من الغطرسة والشعوذة بالإرهاب من أفغانستان إلى سورية والعراق وصولاً الى أوكرانيا.. فالأساليب الغربية ذاتها في تجنيد الإرهابيين.. لكن البيئة مختلفة في كييف هذه المرة.. لذلك وأكثر قال دونالد ترامب إنهم أي قادة الغرب مجموعة من الأغبياء… اللّهم إذا قال بايدن كما قال بوش سابقاً إنه مبعوث من السماء!!! وعلى الإرهابيين القتال أينما قال!!.
من نبض الحدث- عزة شتيوي