الملحق الثقافي:
شغف العرب بأدب الرحلات فمن منا لا يذكر ابن بطوطة و السندباد وغيرهم ..لم يمت أدب الرحلات ربما انكفأ قليلاً لكنه يعود بأشكال مختلفة كتاب “الحجّ إلى مُونيخ” : عمرة في سجون ما قبْل الفيروس”، بغلاف للفنّان السوري “رامي شَعبو”. صدر حديثاً بإشراف الشاعر السوري هادي دانيال.. هذا العمل الجديد الذي تفتتح به سلسلة “أدب الرحلة” في إصدارات دار “الشنفرى للنشر”، يُضاف إلى المدوّنة السردية المتميّزة للروائي الكبير محمّد خريّف، وعدا عن كونه يصدر عن ذات مثقفة وموهبة كبيرة فإنّه ينبض برؤية خاصة لشأن كونيّ راهن هو اضطراب البشريّة تحت وطأة جائحة الكوفيد19، هذا الطارئ الجديد الذي بدأ يعكس ظلاله على ثمار الآداب والفنون الطازجة عبر العالم.
في الوقت نفسه نتعرّف على انعطافة أسلوبيّة على مستوى النسج اللغوي لكاتبنا محمّد خريّف، سيتوقّف عندها النقّاد الذين عرفوا نمطاً أسلوبيّاً معيّناً في أعمال الأستاذ خريّف الروائيّة جعلَ مِن اللهجة بمفرداتها المهجورة والمتداوَلة وتركيباتها الطريفة خيطاً أساساً في النسج اللغوي الذي تشفّ عنه سرديّاته الروائية ويشف عنها في الآن نفسه.
يقع الكتاب في 128صفحة، قياس 15/21سم، مؤلّفاً مِن عشرين فصلاً على النحو التالي: ديباجة المسافر، من سجون الرحلة البافارية: سجن اللغة، من شتات السجون الأخرى، سجن الأحلام، سجن الحداثة وما بعدها، من سجون المعالم والأعلام، من سجون القيم والمثل: معالم الحماسة ومجازاتها، من سجون اليوميات أخباراً وأراجيف، من سجون القيام والقعود، من سجون العودة وهواجسها، من سجون الخدعة العلاماتية، من سجون المقدّس والمدنّس، من سجون الحطّ والترحال، في القطار من مونيخ إلى فرانكفورت، من سجون الصراط إلى سجون المعراج، من سجون الانقياد إلى الجنّة بالسلاسل، من بلكون مونيخ إلى بلكون الحمّامات، من سجون المفارقات، من توابع الحجّ وزوابعه.
من أجواء الكتاب:
“كنّا ونحن نتأهّب للسفر نسمع بفيروس الكورونا دون أن نراه ولم يكن هو بالمعيدي على إيقاع المثل، فلمْ نولِه في البدْء اهتماماً كبيراً، لذلك قلنا فلنسافر وخلّها على الله، ونحن ندّعي المغامرة مغامرة السّفر إلى أوروبا كما فعلنا في بداية الثمانينات، حيث كانت وجهتنا بيريقور الفرنسيّة عبر جنوة الإيطالية فجمعنا، آنذاك، بين متعة السفر بالباخرة والقطار فالطائرة، لكن في هذه المرّة لم تكن نشوة التذكر بمنأى عن الشعور بكدر التخوّف من خطر الآتي من بعيد، وإنْ لم نتوقّع أنّ للفيروس سجوناً تمنع زائر مونيخ من القيام بطقوس التطهّر من أدران الأراجيف بالتأمّل والتفكير لا بالاغتسال والتيمم والعوذ من الشيطان ولا رجيم خارج اللسان، فقلنا دعنا من رواية الأوهام ولننعم بنعيم الجنان جنان الأرض ترويها السواقي والبحيرات والهضاب تخترقها الأنهار وهي لا تضنّ عليها بالاخضرار متعدّد الألوان، كنا هكذا كما قلت نسمع بالفيروس ولا نراه، ولا نحبّ أن نراه..”
التاريخ: الثلاثاء1-3-2022
رقم العدد :1085