الثورة – غصون سليمان:
المرض المهني هو المرض الناجم عن القيام بعمل ما، أو أن يكون كامناً في الجسم فيساعد مثل هكذا عمل على إثارته.
الاستاذ الدكتور أحمد ديب دشاش رئيس الرابطة السورية لأطباء الصحة العامة وطب المجتمع أشار في بحثه المقدم لمؤتمر الرابطة العلمي السنوي مؤخراً حول مايتعلق بمشكلات الأمراض المهنية في وقتنا الحاضر وأهمية دور الوقاية منها بمقولة للدكتور تيدروس غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية حين ذكر: أنه لأمر مروِّع أن ترى الكثير من الناس يقتلون حرفياُ على يد وظائفهم، داعياُ البلدان والشركات لتحسين وحماية صحة وسلامة العمال من خلال الوفاء بالتزاماتها لتوفير تغطية شاملة لخدمات الصحة والسلامة المهنية.
وهذا ما دعا الدكتور دشاش إلى تناول الموضوع نظراً لتعرض من “٥٠ إلى ٦٠ “من سكان أي بلد للمشاكل المهنية، حيث كانت الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل مسؤولة عن وفاة ١،٩ مليون شخص وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية عام ٢٠١٦.
وبيَّن رئيس الرابطة المخاطر التي تستأثر الجزء الكبير من عبء الأمراض المزمنة غير السارية، منها ٣٧% من آلام الظهر ،و٢٦% من أمراض القلب الأكليلي وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة، ١٦% من نقص السمع، ١٥% من أمراض الربو، ١٠% من السرطانات العامة، ٨% من الاكتئاب، ٨% من الإصابات العامة، ما يستدعي الكلفة الكبيرة إزاء هذا الواقع بسبب الخدمات الطبية، والخسائر الفنية وتعويضات العجزة.
* تأثيرها على رب العمل..
معطيات البحث تشير إلى حدوث تأثيرات عديدة على رب العمل وخاصة بالمهن الصغيرة والتي قد تكون كارثية بشكل مباشر حيث أوضحها الدكتور دشاش بأنها تدفع لعمل غير منجز، ودفع للأمور الطبية والتعويضات، إصلاح الأدوات المتضررة، وأجور دورات خفض في الإنتاج، مايؤثر سلباً على معنويات العمال الآخرين.
فيما التأثير غير المباشر يتجلى باستبدال العامل المريض لعمال جدد، مايأخذ وقتاً مع قطف ثمار إنتاجية أقل.
ولفت الدكتور دشاش أن الأجهزة التي يمكن أن تصاب حسب العامل المهني هي العصبية، التنفسية.
ولعل من أهم مشاكل الأمراض المهنية حالياً هو تغير ظروف العمل، والكلفة الزائدة، والتركيز على العلاج دون الوقاية، إلى جانب نقص خدمات الصحة المهنية.
* بيئة العمل..
ومع تغير الظروف أصبحت بيئة العمل تعاني من وجود أكثر من عامل ضار وفق ما أوضحه الدكتور دشاش، في ظل عدم مراقبة بيئة العمل، وتحويل المنازل إلى ورشات صغيرة دون وجود وسائل وقائية.
أما العمل فغالباً ماهو يدوي ويستمر لأكثر من ثماني ساعات.
مع تعرض المكان لأكثر من مهنة وعامل ضار.
فيما معاناة العامل تكمن بعدم وجود فحص بدني دوري، وهناك شكاوى متعددة حول خطورة العمل حسب نوعه ومكانه، والأجر القليل، وعدم توفر الشروط الصحية، ما زاد التكلفة مع الخسارة الفنية والمالية.
وعرج البحث أيضا على مصروفات تأمين إصابات العمل والأمراض المهنية والتي وصلت عام ٢٠١٢ إلى ٣٠١٦ إصابة، بكلفة مليون و٧٤٣ ألفاً.
وفي عام ٢٠١٤ بلغت الإصابات ٣٢٥٧ إصابة بكلفة ٢مليون و ١٥١ ألفاً.
فيما بلغت الإصابات عام ٢٠١٦ ،٢٨٨٧ إصابة بكلفة ٣ ملايين و٢٣٧ ألف ليرة.
* نقص الخدمات..
ومن المشكلات التي ذكرها رئيس الرابطة هو نقص خدمات الصحة المهنية: من ناحية الفحص البدني الدوري، والخدمات العلاجية، ومراقبة بيئة العمل، التثقيف الصحي، الملابس الواقية، التأهيل، والسجلات.
وحول دور الوقاية في التخفيف من الآثار الضارة، أظهرت الأبحاث أن المبادرات الصحية في مكان العمل، يمكن أن تساعد في تقليل التغيب عن العمل في الاجازات المرضية بنسبة ٢٧%، وتكاليف الرعاية الصحية للشركات بنسبة ٢٦%.
* الاستثمار في الوقاية..
يؤكد الدكتور دشاش أن الاستثمار في الوقاية ومكافحة الأمراض غير السارية يولد مكاسب مالية وصحية رئيسية تتمثل بأن كل دولار واحد يستثمر بالمجالات التالية يوفر:
١٢،٨ دولار ناتج عن تعزيز النظم الغذائية الصحية.
٩،١٣ دولار ناتج عن الحد من تناول الكحول.
٧،١٣ دولار ناتج عن انخفاض تعاطي التبغ.
٣،٢٩ دولار ناتج عن توفير العلاج”لأدوية أمراض القلب والأوعية “.
٢،٨٠ دولار ناتج عن تعزيز النشاط البدني.
٢،٧٤ دولار ناتج عن التدبير العلاجي للسرطان.
* توصيات..
بناء على ما تقدم خلص بحث الدكتور دشاش إلى توصيات مؤلفة من ستة بنود تؤكد على ضرورة الفحص البدني والدوري والالتزام بتطبيقه.
الانتباه لموضوع العجز وعدم وصوله إلى درجة متقدمة، أهمية مراقبة بيئة العمل وضرورة التقيد بالشروط الصحية، مع التأكيد على أهمية التثقيف الصحي، وإعادة النظر بجدول الأمراض المهني، تأهيل اختصاصيين بالصحة المهنية والطب المهني.
والأهم بالنتيجة العمل بالقول المأثور ” درهم وقاية خير من قنطار علاج”.