بعد غياب لمدة أسبوع عاد إلى مقعد الدراسة منتظراً الفرصة لينظر في عينيّ صديقه ويصرخ “خضر لقد أخذوا أبي إلى الشام وعاد ميتاً… خضر أبي مات..” وانفجر بالبكاء، ضمّه خضر بذراعيه الغضّين وبكيا معاً…
عاد خضر إلى البيت وأخبر والده سبب غياب صديقه ورفيق مقعده، فقال له الأب لابدّ أن والده كان مريضاً والآن هو يراقبكما من السماء، وبادر الأب بدعوة الطفل إلى البيت ومن ثم الاتصال بالمدرسة ليطلب إليهم رعاية ذلك الطفل كونه منكسراً وبحاجة من يحنّ عليه ويبلسم جراحه…
في يوم المعلّم أنتم الشركاء في العملية التربوية والتعليمية والسلامة النفسية لأطفالنا، كُثرٌ من أطفالنا من يعيشون دون آباء، والحرب على سورية ضاعفت عددهم وحرمت أطفال سورية من أبسط حقوق العيش بسلام وأمان نفسي واجتماعي…
ثقافة المجتمع تتبدّل من حال إلى حال، ورباب وميسون ومازن والأبوان نموذج الأسرة المقدّم في المناهج الدرسيّة لا بدّ أن يراعي أنّ كثيرين ليسوا كمازن، وهنا يأتي دور الأسرة التربوية في تعزيز ثقافة الأطفال وتنوّعها وتنمية شخصياتهم الفكرية والعقلية والبدنية لحين يأتي زمان تتوقّف فيه الحروب باسم الطفولة…
الشركاء من الأسرة التربوية جهودكم مضاعفة فأنتم الآباء والأمهات والسند في تنشئة جيل معافى لحين أن يلتقي من يحرّر العالم من وحشيته وإرهابه بحقّ الإنسان والإنسانية…
لا تقتصر العملية التعليمية على التعليم فقط وكثيراً ماقلّدنا معلمينا وأساتذتنا في سلوكياتهم وامتثلنا لآرائهم وأفكارهم ونمت معنا إلى اليوم، ونأمل من الجيل الجديد أن يحمل معه كثيراً مما تعلّمناه وأن يبقى المعلّم السوري أنموذجاً يُحتذى به.
النهوض بالمجتمعات يبدأ من الاعتناء الحقيقي بالطفولة، والمعلمون بناة حقيقيون لتلك الغاية، ويبقون مرجعية حقيقية لما يمكن أن تحتويه عقول الأطفال وهم مخزون ثقافتها وفكرها لتكوين وإبراز المضمون الإنساني الحقيقي في المستقبل الذي يؤسس لواقع حياتنا وتقدمها الحقيقي… كلّ عام والمعلّم السوري نقيس عليه مدى التزاماتنا أفراداً وجماعات بكرامة الإنسان وكرامة الوطن وسلامته عبر الأجيال…
رؤية – هناء الدويري