الثورة – آنا عزيز الخضر:
اللحظات التي يعيشها الإنسان، وتعتبر الأكثر خطراً، هي أكثر اللحظات عفوية وصدقاً، فهو يعيش وجهاً لوجه مع الحقائق، التي ﻻبد له من الاعتراف بها..
ضمن هذه المشهدية الخاصة، والبنية الدرامية المدروسة بعناية، سارت أحداث العرض المسرحي “تماس”. تأليف وإخراج “محمد سمير الطحان”.
قدم العرض على خشبة القباني، حيث تصاعدت عوالمه وتفاصيله وحكاياه في أجواء، هي على تماسٍ مباشر مع لحظات الموت، فبطلا العرض محاصران بأجواء الموت، جمعتهما الصدفة أثناء أحد الاشتباكات، حيث تنطلق القصص والمحاور الكثيرة التي نقلت هموماً وطنية وإنسانية واجتماعية ومادية، وكل مايمكن ان يعيشه الإنسان السوري من جراء حربٍ أرهقت كاهله..
كان ذلك عبر حوار بين شخصيتين، أفرجتا عن الهموم الكثيرة في تلك اللحظات الصعبة، والمحاذية للموت، لتكشفا لنا عن كثير من المأساة، والتبعات التي خلفتها الحرب، وقد حفرت عميقاً، وآذت الإنسان السوري بشكل فظيع، ليستمر تأثيرها طويلاً، وتحتاًج الى الكثير لمحوها،
حيث يدور حوار عميق يكشف دواخل الشخصيات عبر بوح جريح، يضيء على تناقضات وحكايا، ومشاكل وهموم وجراح مفتوحة في كل سياق، وتحتاج الكثير حتى تلتئم، فالشابة (فرح) عبير بيطار، خريجة الأدب العربي، تعمل سكرتيرة بسبب ظروف الحرب، و (حسان) محمد شما، الفنان التشكيلي، يصبح مصمم أزياء، يخسر كل شيء بفعل الحرب التي تركت بصماتها على كل جوانب الحياة… على الدواخل البشرية.. على العلاقات الإنسانية.. على الثقة بكل شيء، بالنفس والحياة والأمل، وقد عكس الحوار كل تلك الملامح، فحجم الألم ﻻيحتمل، وقد نال من الجميع..
عكس العرض كل ذلك، وفق توليفة مسرحية خاصة، جمعت بين سطورها فنونا عديدة، كي تصل إلى هدفها في التنبيه لتبعات الحرب التي تركت آثارها النفسية وأوجاعها على الإنسان السوري، الذي لايمكن أن ينسى بشاعتها أبداً.