“وجدنا طريق دمشق” .. أمسية الذوق العالي بصوت المرتل العالمي “كابارنوس” على خشبة مسرح دار الأوبرا
الثورة – متابعة وحوار ميسون حداد:
دمشق، قبلة الشرق وبوابة التاريخ، كانت على موعد مع شدو ملائكي، صدح مداعباً أوتار القلوب، فشرَّعت أبوابها لنسمات الروح، واستكان الفؤاد لهدوء النغم، فاحتضن الصوت خلجات القلب، واصطحبها حيث البهجة، حيث رفيف الفرح في الوجدان.
القاعة الكبرى في دار الأوبرا اتسعت جدرانها، وأصبحت برحابة السماء، وبات الحاضرون أسرى الجمال وافتتان الأداء.. في هذه الأمسية، استطاع الأرشمندريت “كابارنوس نيقوديموس” من اليونان، أن يراقص خلجات الروح طرباً، ويقدم عبر صفاء صوته استكانة لكل قلب مضطرب.
“وجدنا طريق دمشق”، عنوان الأمسية التي قدمها المرتل العالمي “كابارنوس نيقوديموس” في دمشق بالاشتراك مع جوقة “الكنارة الروحية” البطريركية بحضور وزيرة الثقافة “لبانة مشوح”، والبطريرك يوحنا العاشر اليازجي.
وفي حديث خاص لصحيفة الثورة قال كابارنوس:
“سمعت الكثير عن سورية من قبل، ونحن نعتبر أن سورية من محاور الحضارات العالمية وتاريخ الشرق، كما أن دمشق أول عاصمة بالعالم، أخذتني المدينة في عراقتها إلى جذور التاريخ.
قبل قدومي إلى سورية حذروني كثيراً من هذه الزيارة، ومن اليوم الأول لي في دمشق شعرت أنني في الشرق الحقيقي لذلك اخترت عنوان الأمسية “وجدنا طريق دمشق” لأن من يأتي إلى دمشق يكتشف الشرق الحقيقي من بوابته.
ومنذ بداية دراستي للموسيقا، سمعت عن دار الأوبرا في دمشق أنها من أهم أول عشر دور أوبرا في العالم، وعندما ابتدأت الحرب، ظننا أنه لن يكون لنا طريق إلى دمشق.
ومهما كانت مخططات الأنظمة العالمية لبلاد العالم، يبقى الشعب المؤمن والصامد هو الذي يستطيع تغيير المعادلة مع الزمن، ولابد للحقيقة أن تنتصر بالنهاية.
تعلمت من أسطورة مهمة في العالم العربي وأعني السيدة “فيروز” كيف كانت تضع عدة شاشات في منزلها لتسمع الأخبار من مصادر متعددة.
ومن يومها أصبحت أهتم لماذا كل هذا التوجيه ضد بلاد المشرق، وكثرة ضخ المعلومات الكاذبة والمضللة، مع التجييش العاطفي السلبي.
يبقى الخاسر الأكبر هو من صدَّق الأكاذيب، ولم يصدّق شعوره الداخلي تجاه الشرق، وأن هناك الكثير من العائلات التي لا تزال صامدة رغم الظروف.
وهذا يعني أنه طالما هناك من يحب بلده كالشعب السوري، ويصلي لأجل سلامه، فهذا يعني بطلان التضليل الإعلامي الغربي حول ما يحدث، والخاسر هو من لم يأتِ لزيارة سورية.
وحول هذا الحفل قال السيد “أندريه معلولي” المدير العام لدار الاوبرا، وقائد أوركسترا أورفيوس في حديث لصحيفة الثورة:
“وجدنا طريق دمشق”، هذه الأمسية هي رسالة مفادها أن تكون دمشق هي قبلة العالم، وأن تكون دار الأوبرا في سورية على خارطة دور الأوبرا العالمية التي تقدم التراث الإنساني بمجمله وبكل أنواع الموسيقا وكل أطيافه.
وأضاف أن الحفل هو رسالة كبيرة جداً للعالم أجمع، مفادها أن من يزور سورية يصبح سفيراً لها في بلاده، ويستطيع نقل الحقيقة والوقوف بوجه الإعلام المضلل.
الحفل اليوم يتزامن مع زمن الصوم الكبير، وبإقامة هذه الأمسية تكون دار الأوبرا في سورية محطة للمرتل العالمي “كابارنوس” تم من خلالها تقديم الألحان البيزنطية.
وأضاف معلولي: إننا أردنا أن نُذكّر العالم أنّ واضع القواعد وأنظمة الموسيقا البيزنطية هو “يوحنا الدمشقي” وهذا يعني أن الموسيقا البيزنطية ظهرت من سورية وذهبت إلى اليونان ثم روسيا وباقي أنحاء العالم، إذاً هو تراث ثقافي سوري ويجب أن نعيد هذا الحق إلى مكانه الطبيعي فقدمنا هذا التراث وهذه الألحان، ونحن في دار الأوبرا نقدم كل أنواع الثقافة العربية والعالمية والمحلية لنفسح المجال للجمهور السوري بأن يوسع مداركه الثقافية، ويتعرف على كل أنواع الثقافات العالمية”.
في هذه الأمسية وجد المرتل “كابارنوس” طريق دمشق، أما الدمشقيون، فيطلقون من دمشق، كل يوم طريق الحضارة والتاريخ والفن ونبض القلب ومسيرة الروح.
