بين المنخفضات الجوية الباردة التي تجود علينا بعطاءات وخيرات السماء، والمنخفضات اللاإنسانية التي تفتك بأخلاقنا وقيمنا وإنسانيتنا، تتدثر أرواحنا بالأمل والإرادة حتى نتجاوز هذه المحنة التي قد نُحولها إلى منحة إن أظلتنا المحبة والإنسانية بأسمى وأجلّ معانيها وصورها.
.. وبين برودة الأولى التي جمدت أجسادنا، ولهيب الثانية التي أذابت أرواحنا، بين هذه وتلك، تكتمل الصورة، صورة المعاناة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل المشهد اليومي لمعظم السوريين، لكن الأشد ألماً وحزناً في تلك المعاناة، أن بعضنا له دور في صنع واستمرار تلك المعاناة، ويؤدي خدمة بلا مقابل لمن يحاصرنا ويجوعنا لضرب معنوياتنا وإرادتنا.
إنه الجشع والطمع الذي أضحى علامة مميزة لكثير من تجارنا الذين باتوا يتاجرون بأوجاعنا وآلامنا دون أدنى رادع إنساني أو أخلاقي.
فمن يوقف هذا الطوفان الذي نراه يشتد يوماً بعد يوم، والذي سوف يأتي على ما تبقى من شذرات جمالنا وإنسانيتنا ؟، هو سؤال برسم إرادتنا التي صنعت المستحيل طيلة سنوات الحرب الماضية، سؤال برسم أروحنا العطشى لمن يحتضن غربتها الموحشة في دورب الوجع، فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!!.
ونحن على أبواب فصل الربيع الذي سوف يكون الأجمل هذا العام بعد أن جادت السماء بخيراتها على مساحات الوطن كافة، هل يكون هناك ثمة محاولة لأن نوقظ ربيع قلوبنا فتزهر محبة ودفئاً و أملاً لأرواحنا وأيامنا القادمة؟.
عين المجتمع – فردوس دياب