كانت روسيا الاتحادية دقيقة في توصيف عمليتها العسكرية في أوكرانيا حين أعلنت أنها عملية خاصة لا تشبه العمليات العسكرية الاعتيادية وغير المدروسة، فهي تعلم مسبقاً أن الغرب والولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا نفسها ستلجأ إلى استقدام المرتزقة من مختلف أنحاء البلاد بصورة تشبه الصورة التي تم تنفيذها في العدوان على سورية، ولذلك فإنها استعدت لهكذا احتمالات، ليس من الناحية العسكرية فقط، بل من النواحي الاقتصادية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، ففي الميدان العسكري لم تضع قواتها في نقطة ضعف أو ضغط ولم تسمح للقوات الأوكرانية أو لقوات المرتزقة بالتحكم بوضعها القتالي أو التأثير عليه، ولذلك قامت بالسيطرة على منابع المياه ومضخات تشغيلها والتحكم بمحطة الطاقة النووية في زبروجيا كي لا تقع بيد المرتزقة في وقت لاحق فيما لو كان التركيز على كييف والمدن الكبرى الأخرى، لأن ذلك يضع العالم وقتها في مواجهة الأكذوبة المكرورة في التعرض للمدنيين وحياتهم.
وفي المقابل دفعت العملية العسكرية الروسية الغرب والولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص للدخول في حالة من التوتر والهستيريا الكبيرة، فبدأنا نتابع التصريحات الأميركية والأوروبية المتناقضة والكاذبة، وهي التي تعكس حقيقتهم وجوهر تفكيرهم، فهم لم يتخلوا عن إرثهم الاستعماري ولم يتجاوزوا حالة العنف وأساليب القتل والتدمير في محاولات السيطرة على مقدرات الشعوب الأخرى.
كما أنهم يتخيلون توهماً بأنهم أصحاب الحق في تعيين الرؤساء وعزلهم وفق ما يرغبون، ويتوهمون أن ما كانوا يفعلونه في أميركا الجنوبية وجمهوريات الموز قادرون على فعله مع روسيا، الأمر الذي دفع بايدن للإعلان عن ذلك من قلب القارة الأوروبية العجوز محاولاً الإيحاء لهم بأنه يمتلك القوة القادرة على التحكم بالعالم، بل تغييره، وهو ما اضطر سياسييه ووزارة خارجيته للتصحيح بأنه لا يقصد تغيير الرئيس وكأن الأمر يتعلق بغر لا يعرف السياسة ولا دهاليزها.
وفي جانب آخر تتراكم العقوبات الاقتصادية المفروضة بأشكال متعددة يقابلها ردود أكثر شدة وثباتاً في ظل الأكاذيب الإعلامية والروايات المختلفة والمصنعة بحرفية العدوان تواكب حرباً يريدها الغرب أن تمتد طويلاً وتوقع موسكو في مستنقع حرب العصابات، وذلك بعد تشكيل (الفيلق الدولي) الذي يضم مرتزقة إرهابيين تم استقدامهم من خمسين دولة سبق لبعضهم أن حارب في أفغانستان والعراق وسورية، وبعضهم إرهابيون ومعلمون في صناعة الإرهاب ومؤسسون لشركات إرهابية تحت مسميات الحماية الأمنية.
وفي ظل استمرار العمليات العسكرية الخاصة لروسيا يزداد توتر وقلق الغرب مع اقتراب تحقيق أهدافها في ضمان أمن روسيا وفق الاتفاقيات الدولية الموقعة وضمان حق تقرير المصير بالنسبة لسكان إقليم دونباس وعدم تعريضهم للخطر والقتل والتصفية من جانب المتعصبين الأوكران، وعندها تكون النهايات المطلوبة.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد