التشكيلية شيرين الدرعاوي.. أقنعة الواقع وروحانية النور

الثورة – أديب مخزوم:

“نوستاليجيا” هو عنوان معرض الفنانة التشكيلية الشابة شيرين الدرعاوي، الذي استضافته صالة مشوار في دمشق – القصور، وتضمن مجموعة لوحات متنوعة لوجوه تعبيرية أقرب إلى الأقنعة، ومنجزة على الطريقة المتحررة والعفوية والحديثة. وذلك لأن الوجه لا يأخذ في هذه اللوحات لونه الطبيعي، وإنما يعبر عن خصوصية التجربة، وتمردها على الصياغة التسجيلية والتقليدية.
والتجربة تسير في إطار هاجس توليف العناصر بطريقة خيالية فيها نفحة سوريالية، معبرة عن سوريالية الواقع، وعالم اللاشعور أو الذاكرة الداخلية التي تشكل معطيات وتداعيات الأحلام، التي عبر عنها ” فرويد ” في كتاباته وتحليلاته. ومن هنا جاء عنوان المعرض، في سياق توضيح العلاقة الشعورية واللاشعورية بالتشكيل الخطي واللوني، وعلاقة الحنين بالذكريات والأمنيات المستقبلية القريبة والبعيدة.
فهي تطرح في لوحاتها (وفي دفتر رسوماتها المرافق للمعرض) بعض الرؤى السوريالية الحالمة, من خلال التركيز على إبراز الخيوط الضوئية المتواصلة من نهايات أصابع شخوص بعض لوحاتها، كما نجد العناصر الإنسانية في إحدى لوحاتها سابحة في الفضاء باتجاه السماء، وأيضاً في لوحتها الطفل المرفوع بخيوط تعلوها الطيور، كإشارة إنعتاق من أسر المادة إلى عالم الرو، وكل ذلك يحول المرأة أو الأطفال إلى رؤى غرائبية، وصولاً إلى تجسيد العناصر والدلالات الروحية المرتبطة بالقداسة والنور والأكليل المقدس.

هكذا تؤكد على إظهار قداسة وجمالية الحركات النورانية الحية المنبثقة من الرؤى الحلمية, أي من تداخل إيقاعات الأشكال، كما يمكن أن نراها في الأحلام، وبذلك تعطي اللوحة فسحة خاصة بها، ناتجة عن طريقة تعاملها بصدق وعفوية مع خطوطها وألوانها، وإيقاعات الضوء الذي يصل حدود البياض، والذي يشع من العناصر.‌‏
وهي ترسم الوجه – القناع على خلفية لونية تجريدية انفعالية، كاللوحة المنشورة على بطاقة المعرض. ونجد الحلم الخيالي المتداخل مع الخلفيات التجريدية في نسيج لوحاتها يعكس عفوية الارتباط بالرؤى الشرقية الروحانية أيضاً عبر إطلالات لعناصر طفولية وإنسانية في أكثر الأحيان. ولم تكن إطلالات هذه العناصر في لوحاتها إلا محاولة لتلاقي جميع العناصر بين الماضي والحاضر والمستقبل، من خلال الخطوط والألوان والأشكال البعيدة عن الواقع والملتصقة به في آن واحد.
وتقترب وجوه لوحاتها في أحيان كثيرة من أجواء التماثيل، كأنها تجسد النحت بالرسم (حتى أننا نجد الإزميل والمطرقة مع إحدى فتيات لوحاتها).‌‏ هكذا تظهر الرؤى التصويرية الغرائبية والحالمة، والأجواء النورانية، كإيقاعات بصرية، تدمج ما بين مؤشرات الواقع، وملامح الخيال من خلال طروحات تنويعات رموز الطفل الذي يطل كعنصر اساسي، يجمع الأداء التلويني والتكويني من الينبوع اللوني الشرقي الغني بالأضواء المشرقة، وهي في ذلك تظهر إيقاعات التحاور والتفاعل والتجاور البارز بين اللون والضوء.
كل ذلك في خطوات بحثها عن إيقاعات تشكيلية جديدة فرضتها وبشكل غير مباشر أحلام وتخيلات مرحلة الطفولة، التي تعود إليها في كل مرة للانفلات من حالات البؤس الإنساني، فالحلم هنا هو الحياة المقروءة في رموز لوحاتها وعلاماتها الإيحائية, إنه شعور بإمكانية تجاوز فواجع الموت والقلق ودموع الأحزان، والعودة إلى الرؤى الكامنة في تصوير الرموز الغامضة والخفية التي شكلت دلالات التناغم والإيحاء والانفلات نحو الحلم والمطلق والعالم الروحي.‌‏
والرسم السوريالي الذي تجسده شيرين يظهر قدرة في صياغة التفاصيل، رغم تركيزها في كل مرة، على اللمسات اللونية العفوية المتتابعة والمتجاورة والمتداخلة، لإيجاد حلول حديثة للتآلف أو للتكوين الباحث عن ملامح لمناخ تعبيري وخيالي، لا يتبلور فقط عبر الحركات واللمسات والضربات اللونية الفورية والمباشرة، وإنما عبر التأكيد على تنويعات الموضوع الواحد (الوجه والشكل الإنساني) وقد تستعيد هذه الأعمال بعض الأساطير، التي تروي في فصول حكاياتها علاقة الإنسان البدائي بالأرض والسماء والشمس والنور والنار والخوف من المجهول.
هكذا تستلهم شيرين المناخات القديمة والحديثة وسرابها وآثارها ورموزها ودلالاتها، والغالب في هذه المجموعة من لوحاتها، هو ذلك التسجيل العفوي المباشر المشغول بكثير من التلقائية والتحرر من الضغوط الأكاديمية (هي المتخرجة من محترفات كلية الفنون الجميلة في دمشق). فالتأليف يخرج من ذاتها وأحاسيسها ورؤاها الفنية، من دون أن يبقى الموضوع محافظاً على حضوره التقريري المباشر، حتى أنها تحاذر في تنقلها من صياغة لونية إلى أخرى، الخروج من إطار المعالجة الأسلوبية الموحدة، وهذا هو الشيء الهام قبل أي شيء آخر.

آخر الأخبار
مصادرة أسلحة وذخائر في بلدات اللجاة بدرعا يحدث في الرقة.. تهجير قسري للسكان المحليين واستيلاء ممنهج على أملاك الدولة  نمو متسارع وجهود مؤسسية ترسم مستقبل الاستثمار في "حسياء الصناعية"  محافظ درعا يبحث مع رجل الأعمال قداح واقع الخدمات واحتياجات المحافظة مصادرة كمية من الفحم الحراجي في حلب لعدم استيفائها الشروط النظامية للنقل معالجة مشكلة تسريح عمال الإطفاء والحراس الحراجيين.. حلول الوزارة في مواجهة التعديات والحرائق المستقب... الفضة ملاذ آمن على الجيوب والأونصة تسجل ٦٠ دولاراً دخول قافلة مساعدات جديدة إلى السويداء خالد أبو دي  لـ " الثورة ": 10 ساعات وصل كهرباء.. لكن بأسعار جديدة  "النفط" : أداء تصاعدي بعد تشغيل خطوط متوقفة منذ عقود.. وتصدير النفتا المهدرجة الذهب يرتفع 10 آلاف ليرة سورية وانخفاض جزئي لسعر الصرف في مرمى الوعي الاجتماعي.. الأمن العام ضمانة الأمان  1816 جلسة غسيل كلية في مستشفى الجولان الوطني إيطاليا تقدم 3 ملايين يورو لدعم الاستجابة الصحية في سوريا وزير الطاقة :٣,٤ملايين م٣ يوميا من الغاز الأذري لسوريا دمج سوريا في المجتمع الدولي مسؤولية جماعية واستحقاق استراتيجي    Media line  زيارة الشيباني إلى موسكو.. اختبار لنوايا روسيا أم إعادة صياغة لتحالف قديم الغاز الأذربيجاني إلى سوريا.. خبيرة تنموية لـ"الثورة": تأثيرات اقتصادية على المدى المتوسط    د.يحيى السيد عمر لـ"الثورة": الطريق طويل لشراكة اقتصادية مع روسيا استخدمه بحذر... ChatGPT ليس سريا كما تظن