كثيراً ماكانت اللغة المسرحية لغة صعبة وفيها عمق فلسفي وفكري وإنساني يخاطب عصره وأهله في كلّ نصّ وعرض ويخلق حالة من التثاقف بين الشعوب ويترك أثره في النفوس والعقول وبخاصة في الأعمال المسرحية المتميزة….
المسرح في يومه العالمي رغم غيابه يبقى ذا فعالية أدبية وفنية عالية وآثاره تدلّل على أقوام وشعوب بدءاً من العصر الروماني ومسارحه إلى شكسبير وتشيخوف وموليير وميلر والقباني والحكيم وونوس وأدونيس إلى يومنا هذا.
يتراجع في بعضه أو في كليّته في عالمنا المعاصر نظراً لظروف عدّة أكثرها التكنولوجيا لكنّه يبقى أبا الفنون كلّها وعناصر اكتماله تختلف عن الرواية والقصة واللوحة لأنه يبقى يتجدّد بوجود خشبة للمسرح وجمهور منفعل ومتفاعل..
المسرح العربي بإرثه وتراثه وتاريخه ومعاناته وأزماته التي يخلقها الغرب في كلّ مرة يحتاج دفعة نحو الأمام والمستقبل والخروج من دائرة الحروب وتبعاتها في التخلف والانشغال عن حركات الفكر والتحرّر كغاية غربية صهيونية استعمارية، الفنّ والأدب والمسرح بخاصة غايته أسمى وأكثر إنسانية وهدفه مدّ جسور تواصل حضاري وخلق تلاقح ثقافي موروث بين الأجيال دون أن يضيع زمن جيل أو تكون هنالك حلقة مفقودة كما يجري للأسف في واقعنا الثقافي وفنونه ومنها المسرح…
تجليات المسرح العربي لاتقتصر على ماهو مستورد ومترجم ومستهلك فواقعنا وآمالنا وأحلامنا وحياتنا الفكرية والنضالية ومقاومتنا وطموحنا لا يعبّر عنها نصوص مسرحية مترجمة فقط، فلدينا الأصيل والنفيس وحضارتنا تدلّل عليه…
جوهر الفكر المسرحي وقضاياه التي يمكن أن يطرحها ويدافع عنها بأهميتها تكفي لنعيد إليه ألقه وحضوره ونعيد إحياءه في ذاكرتنا التي جهد الأدباء ليكون نوافذنا على اكتمال الحضارة…
رؤية- هناء الدويري