ثورة أون لاين – رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:
تروّج العربدة الإسرائيلية للمناخ التصعيدي الذي تتلاحق فيه عمليات الشحن السياسي والإعلامي وصولاً إلى الميداني، وتتناغم على الجهة الموازية لها المقاربات التحريضية،
التي جهدت واشنطن على مدى الأسابيع الأخيرة في الضخ فيها بقنواتها الدبلوماسية والترويجية، وتظهير ما يمكن تظهيره وسط حالة استعجال لإشعال المزيد من الجبهات وتوسيع دائرة الاشتباك.
وإذا كانت تلك العربدة لا تحتاج إلى ذريعة، حالها في ذلك حال أي عدوان إسرائيلي في الماضي والحاضر والمستقبل، فإن الرواية الإسرائيلية بدت غائرة في حسابات النهج الأميركية ومتوائمة مع المسعى الفعلي لتسخين الجبهات، ومتطابقة مع السيناريو المعدّ وإن كانت في نهاية المطاف تعبر عن خيبة واضحة من الحصيلة الهزيلة والفاشلة التي توصلت إليها عمليات التصعيد الإرهابي والتسخين الإعلامي على مدى الأسبوعين الماضيين.
قد لا تكون المسألة في الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي تعمدت إسرائيل أن تخطها في العربدة الأخيرة والعدوان الموصوف والخرق الفاضح لاتفاق فصل القوات، بقدر ما هي في الخطوات التمهيدية السابقة لها واللاحقة، والتي تعوّل عليها إسرائيل لإعادة خلط الأوراق بعد أن فشلت في تحريكها وفق المنحى المطلوب أميركياً عبر المرتزقة والإرهابيين.
فالتفاصيل الواردة من الجولان المحتل ومن القرى المتاخمة له لا تدع مجالاً للشك بالأبعاد والغايات التي برزت خلف هذه العربدة الإسرائيلية، باعتبارها المشرف والمنسق للعملية، وحتى المخطط في نقاط التحرك والتسلل بعد أن أعطت الإحداثيات للإرهابيين للمرور، وحين انكشفت العملية أرادت التغطية على الموضوع بعدوان أرعن راهنت على ما يثيره من غبار لخلط الوقائع والمعطيات، وصولاً إلى إعادة تقديم حبكة فاضحة بذرائع واهية.
وبالتالي، فإن العملية من أولها حتى آخرها كانت بتدبير إسرائيلي مباشر تفضحه على الأقل سرعة التدخل الإسرائيلي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإرهابيين، حيث تتبدل محتويات الرسالة من عملية خرق وتأسيس لبؤرة تصلح لتكون نقطة ارتكاز إلى وجهة تسويقية يستطيع من خلالها الإسرائيلي الدخول المباشر والتواصل معها في الخطوات اللاحقة المعدة.
في منطق الطرح الإسرائيلي والصمت الأميركي والغربي عموماً على العربدة الإسرائيلية تتقاطع المؤشرات لتنحو باتجاه خلق وقائع ميدانية على الأرض، لتكون الشريك المباشر ميدانياً على الأرض وتقيم ما سبق أن سربته دوائرها من تكهنات حول النيات الإسرائيلية تلك، وبمباركة أميركية مباشرة وبجهود مشتركة من بعض الأطراف العربية لتكون الحزام الموعود، بعد أن فشلت المناطق العازلة والحظر الجوي والممرات الآمنة وكل ما أدرج تحت هذا البند من تسميات.
ما فات الإسرائيلي هو ذاته ما غفل عنه الأميركي في الحسابات المسبقة المبنية على أوهام وأضغاث أحلام، وتراهن على أن الانشغال في ملاحقة الإرهاب قد يضعف من حالة الجاهزية في مواجهة الخطر الإسرائيلي الداهم واحتمالات العدوان القائمة في كل لحظة، وبالتالي كان الافتراض الخاطئ والمغلوط أن دخول الإرهابيين من الجولان المحتل قد يمر دون أن تراه أعين الجيش العربي السوري، وقد يصلح لتشكيل البؤرة المنتظرة لاحقاً!!
لذلك، بدت التبريرات الإسرائيلية ومسوغات الصمت الغربي وأحجية التثاؤب الأممي حيال ما جرى محاولة للتخفيف من الارتدادات المحتملة لمثل هذه العربدة الإسرائيلية وتداعياتها القادمة ميدانياً، والتجاهل الإعلامي الغربي يصب في الخانة ذاتها، خصوصاً مع افتعال إسرائيل قصة السفينة المتجهة إلى غزة للتغطية على الحرج السياسي والارتباك في تبرير ما حصل.
على القاعدة ذاتها من المقولات الرائجة تدخل عملية العدوان الإسرائيلي ومحاولة التصعيد الميداني بعوامل استهداف خارجية بالأصالة عن الإرهاب أو بالوكالة عن رعاته ومموليه، وهي تقدم مقارباتها وبدائلها وأوراق الاسترزاق المحمولة في حقائب نتنياهو إلى واشنطن أو المتجولة لدى وزير الخارجية الأميركي كرد مباشر على رفض التهويد ورفض التصفية الجارية للقضية الفلسطينية.
فما فشلوا فيه عبر الإرهاب لن يحققوه بالعدوان، وما عجزوا عنه بالتهويل لن ينالوه بالعربدة الإسرائيلية، وكما أصابتهم الخيبة على امتداد السنوات الثلاث الماضية فإنها تؤرقهم اليوم وقد تنامت إرادة السوريين وازدادت صلابة وكفاءة الجيش العربي السوري الذي سيظل جاهزاً ومتأهباً لقلب معادلات العدوان وخلط أوراق أدواته وإفلاس بدائل وخيارات رعاة الإرهاب ومموليه أصالة عن أنفسهم أو وكالة عن سيدهم وأذرع حربته.
a.ka667@yahoo.com