الثورة – حسين صقر:
يقال إن الإنسان بأصغريه قلبه ولسانه، والمبادرة لا تعرف عمراً، ومع أنه لكل قاعدة شواذ، إلا أننا نلاحظ أن تسلم الشباب المسؤولية في مراحل معينة يعزز ثقتهم بأنفسهم، ما خلا منهم المصابين بأمراض نفسية وعقد ما، ويشعرون بأن المسؤولية أثقلت رؤوسم وباتوا عاجزين عن حملها، لأن المسؤولية أولاً وأخيراً تكليف وليست تشريفاً، وهي تزيد الأعباء والضغوط والمعنوية على الشخص الذي أوكلت إليه.
الحرب الظالمة على سورية وضعت الكثيرين أمام اختبار للذات والقدرات، وكان ذلك في مواقع مختلفة ومفاصل مهمة، وفي الهيئات والجمعيات الأهلية التي كانت على علاقة مباشرة مع الناس، ولهذا كان الفرز واضحاً بين من كانوا على قدر عالٍ من المسؤوليات المنوطة بهم، ومن لا يستحقونها، إذ شكلت للطرف الأول حافزاً للعطاء والتجديد ومواكبة كل كل حديث، في وقت شكلت للطرف الثاني عقداً وجعلتهم يمعنون في غرورهم، وكأنهم باقون إلى ما لانهاية في أماكنهم، وباتوا يتعالون على الآخرين، متناسين أن هدف المسؤولية أولاً وأخيراً هو أخلاقي بامتياز، وتشكل لبنته الأولى الشعور بالآخرين ومعاناتهم، وضرورة قضاء حوائجهم صغيرة كانت أم كبيرة.
“الثورة” التقت مجموعة من الشرائح والتي أكدت أن المسؤولية تعني قبل كل شيء الاهتمام بالآخرين، والتعامل معهم برأفة وحنان، من مبدأ أن كل شخص راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، كما هو حال الحاكم والمحكوم، والرجل والمرأة، والوالد والولد، وغيرها الكثير.
وقال أحمد عز الدين وهو متطوع بالهلال الأحمر: تعد المسؤولية قيمة اجتماعية مهمة، وهي ليست امتيازاً بقدر ما ترتب على الشخص أعباء إضافية لأنها بمثابة أمانة، والأمانة لا يحملها سوى كل شخص واثق من نفسه، خاصة وأن المسؤولية تحيط بها بعض المغريات ليس شرطاً المادية، بل المعنوية، لأن الشخص المسؤول سيصبح محط أنظار الآخرين.
وقالت سوسن عطالله من بصمة شباب سورية: إن المسؤولية تجاه الآخرين تتضمن تقديم النصح والإرشاد لهم، بالإضافة لحل مشكلاتهم وتقديم العون لهم، والكثير ممن يكلفون بمهام إدارية وغيرها يتطلعون دائماً لتقديم الأفضل لإثبات ذواتهم، في الوقت الذي لا يهم قسماً آخر من هؤلاء المعنى الحقيقي لذلك المصطلح، حيث يشعر هؤلاء بالتفاخر ويتعاملون مع الآخرين بتكبر وتعال، ولا يهمهم سوى أن يقال عنهم بأنهم مسؤولون ومكلفون بتسيير أمور الناس.
وذكر محمد عمر وهو موظف بأحد المصارف أن المسؤولية تتطلب إتقان العمل، لأنه إذا أراد أحدكم أن يعمل عملاً فليتقنه، حيث يقربه ذلك من قلوب الناس ويسجل في ميزان أعماله وحسناته، ولهذا لابد من القيام بالعمل على أكمل وجه وإخراجه بأفضل صورة ومراعاة الضمير.
ورأت عبير محمود وهي موجهة في إحدى المدارس: إن المسؤولية أولاً وأخيراً احترام الفرد للقوانين والأنظمة، وعدم الاستهتار بمشاعر الناس، وقياس الأمور على ذاته، لأنه كلما وضع الشخص المسؤول نفسه في مكان صاحب الحاجة أو الطلب كلما كانت تلبيته أفضل، وهذا ما يسمى بالسلوك نحو المسؤولية، وكوننا نتحدث عن المسؤولية التي يتولاها الشباب، فغالباً ما تنقص هؤلاء التجربة في معترك الحياة ولم يخالجهم الشعور بالآخرين كثيراً، لذا لابد من إخضاعهم قبل كل شيء لدورات معرفية تشخص لهم حالة المجتمع والظروف التي بعاني منها كي يكون قادراً على التعامل مع الأزمات والمواقف.
فيما أوضح سعد حموي وهو رئيس قسم في قطاع صناعي: إن المسؤولية تتطلب الشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، والشباب القادرون على ذلك قلائل، لأن التجربة لم تنل منهم بعد، حيث تواجه الشخص المسؤول مواقف تتطلب اتخاذ قرارات آنية وجريئة شرط أن تكون عقلانية، حيث نرى البعض ممن يتسلمون مناصب أو يكلفون بمهام غير قادرين على ذلك وجل همهم ظاهر ما يهم فيه، وبأنهم مسؤولون بالاسم ليس أكثر، لذا يجب تعريض هؤلاء لمواقف واختبارهم وكأنهم في مواقف محرجة لمعرفة كيف يتصرفون إذا دعت الحاجة.