من غير تاجرنا ومستوردنا يستحق لقب الأسرع في العالم على استصدار إجازات الاستيراد، وتأمين التمويل وتحويله، والتعاقد على البضائع وتعبئتها وتغليفها، وشحنها من بلد المنشأ إلى بلد المقصد، وتفريغها ونقلها وتخزينها في مستودعاتهم المعلنة والمخفية .. خلال أسابيع قليلة معدودة تقل عن عدد أصابع الكف الواحدة.
بالأمس، وتحديداً قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كان تاجرنا ومستوردنا يتناوبان على استعرض مشاكل وهموم وتعقيدات وإرباكات عمليات الاستيراد وتبعاتها التي كانت تستغرق “على حد زعمهم” قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أسابيع وأسابيع وفي أغلب الأحيان شهوراً، وما بينها “من مطالبات ومناشدات ـ شفهية وورقية” بتمديد فترة السماح بالاستيراد لمختلف المواد والبضائع “طبعاً غير المدرجة منها ضمن قائمة المنع”.
حديثنا ليس محصوراً بزاوية الكميات الفعلية المتوفرة والمطروحة للبيع في الأسواق “بعيداً عن الاحتكار”، وإنما بالأرقام الفلكية التي يسطرها تاجرنا ومستوردنا على بضائعه وشحناته التي كانت بمعظمها واصلة “أرض المرفأ” وبعض منها “بالشحن ـ ع الطريق”، في محاولة ليست بائسة ولا حتى يائسة “حتى تاريخه على الأقل” للعزف على الأوتار المتقطعة للتداعيات التجارية التي فرضتها الأزمة الأوكرانية من زيادة الطلب على المواد والسلع الغذائية منها على وجه التحديد، وارتفاع أجور النقل والشحن وووو القائمة تطول وتطول.
نحن هنا، لسنا مع خسارة لا التاجر ولا المستورد، ولا مع الهوامش الربحية التي تلامس الصفر تقريباً، وإنما ضد الربح الفاحش الذي يحاول البعض فرض معادلته اللاتجارية على أسواقنا ومحالنا التي باتت تتعامل مع نشرات الأسعار التموينية الصادرة عن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك “المركزية والفرعية” بأنها للإطلاع ليس إلا كونها لم تعد سارية المفعول حتى في بقاليات ودكاكين الأحياء والأزقة الشعبية، فكيف هو حال الأسعار في أحياء ومولات ومتاجر الأحياء الراقية.
نعم، نحن، ضد كل تلك الإدعاءات والسيناريوهات التي لا هدف لها ولا غاية إلا زيادة ثراء التاجر والمستورد ثراء غير مشروع، على حساب المواطن الذي اضطره البعض مجبراً على إسقاط جملة ” مالذ وطاب” من قائمة مائدته الرمضانية، واستبدلها بعبارة أخرى فرضها التاجر والمستورد على حد سواء ألا وهي ” ع قد لحافك مد رجليلك .. وصحيح لا تقسم .. ومقسوم لا تاكول .. وكول حتى تشبع”.
الكنز- عامر ياغي