الثورة – وكالات – حرر التقرير الإخباري منهل إبراهيم
لعل أخطر الانتقادات الموجهة لما يسمى بالضربة الاستباقية أنها تفتح باب الفوضى في العلاقات الدولية، فقد أعطت الولايات المتحدة لنفسها الحق في استخدام هذه الاستراتيجية، واليوم تسلك حليفتها كوريا الجنوبية نفس السلوك، ومن الواضح أن استراتيجية الضرب الاستباقي يتذرع بها العدو الإسرائيلي أيضاً في ممارساته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، وهي أيضاً الإستراتيجية التي بدأت دول في العالم في اعتمادها مع جيرانها.
سيئول أكدت اليوم أن الضربة الاستباقية لا تزال خياراً بالنسبة لها في حال وجود تهديد وشيك من جارتها الديمقراطية وفق ما ذكرته وكالة يونهاب.
المتحدثة باسم الرئيس سيوك يول قالت رداً على انتقاد بيونغ يانغ لوزير دفاع كوريا الجنوبية لتهديده بالقيام بضربة استباقية لكوريا الديمقراطية، إن الضربة الاستباقية لا تزال خياراً بالنسبة لكوريا الجنوبية في حالة وجود تهديد وشيك لها.
وزعمت كوريا الجنوبية أن الضربات الاستباقية هي أحد الإجراءات المقبولة في العالم، بما في ذلك في الأمم المتحدة، باعتبارها قابلة للاستخدام ليس بالمعنى الوقائي، ولكن عندما يستمر التهديد.
وقد تعرض الرئيس الكوري الجنوبي لانتقادات من خصومه خلال حملته الانتخابية بعد أن اقترح ضرب كوريا الديمقراطية بشكل استباقي في حالة وجود تهديد وشيك لبلاده، مما أدى إلى تكهنات بأن احتجاج بيونغ يانغ الأخير كان في الواقع موجهاً إليه.
وعلى الجانب الآخر أكدت كوريا الديمقراطية أنها سترد “بلا رحمة” وتدمر الأهداف الرئيسية في كوريا الجنوبية إذا نفذت سيئول عملا عسكرياً، كضربة استباقية ضدها.
جاء ذلك على لسان سكرتير اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري الديمقراطي، وهو عملياً الشخص الأول في القيادة العسكرية للبلاد، وحسب وكالة التلغراف الكورية الديمقراطية قال سكرتير اللجنة إن الحديث عن ضربة استباقية ضد بلد يمتلك أسلحة نووية، هو إما جنون أو حمق وغباء، فإذا اتخذ الجيش الكوري الجنوبي، مسترشداً ببعض الأحكام الخاطئة، إجراءات عسكرية خطيرة ضد جمهورية كوريا الديمقراطية، كضربة استباقية، سيركز جيشنا كل قوته العسكرية بلا رحمة على تدمير الأهداف الرئيسية في سيئول والجيش الكوري الجنوبي”.
وفي وقت سابق أعلنت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون، أن تصريحات وزير دفاع كوريا الجنوبية، سيوه ووك، حول قدرة بلاده لشن هجوم صاروخي على كوريا الديمقراطية، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة.
من الجدير ذكره أنه بعد أحداث ١١ أيلول ٢٠٠١ بدأت الولايات المتحدة تطويرها كاستراتيجية جديدة طبقتها في علاقاتها الدولية وظهر ذلك جلياً في حربها على أفغانستان والعراق، وتعتبر الضربة العسكرية الجزئية لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة على ليبيا سنة ٢٠١١ تطبيقا حديثا لفكرة الحرب الاستباقية في القرن الحالي.
والخطورة في استراتيجية “الحروب الاستباقية” أنها ناتجة عن كونها مفتوحة الاحتمالات لا تتقيد بحدود الجغرافيا السياسية، ولا تحترم قواعد القانون الدولي ولكن تنظر إلى العلاقات الدولية حسب ما يتوافق مع مصالحها الدولية، وبالتالي نجد أن هذه الاستراتيجية توجه لها العديد من الانتقادات، وهي أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية أن تمضي بمفردها للسيطرة على الأمن العالمي لا يتسم بالواقعية وتحوطه مخاطر شتى، والأهم من ذلك أنه لا يمكن له أن يستقر ويستمر إلى ما لا نهاية.
وهناك تناقض صارخ بين المبدأ الأمريكي الجديد والقانون الدولي، حيث يقوم المبدأ علي حق الولايات المتحدة الأمريكية أن تحدد ما هي مصالحها وما هي التهديدات التي تواجهها أو يحتمل أن تهددها، ثم تتصرف وفقا لرغبتها وبناء على ما تراه دون النظر إلى أي تحالفات أو شراكات أخرى، الأمر الذي يتنافى معه المفهوم الأساسي للسياسة الخارجية الذي يعتبر القانون الدولي ركنا أساسيا من أركانها، والذي يدعم الجانب الأخلاقي والإنساني لها ويلزمها باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها ووحدة مجتمعها، بالإضافة إلى أنه يمنع التدخل في شؤون الدول الأخرى.
