الولايات المتحدة تحث أتباعها الأوروبيين على إرسال المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، وحلف الناتو يخطط لوجود عسكري كامل على حدوده، والمفوضية الأوروبية ترغب بحسم الوضع في أوكرانيا عسكرياً، والشعب الأوكراني وحده من يدفع ثمن النزعة الغربية نحو توسيع نطاق الهيمنة الاستعمارية.
واضح من العناوين العريضة لتطورات الحرب في أوكرانيا، أن الولايات المتحدة هي أكبر المستفيدين من استمرار الحرب بهدف محاولة استنزاف روسيا عسكرياً واقتصادياً، وبالتالي تحييدها عن الكثير من الملفات الدولية التي ترى فيها واشنطن مدخلاً لتعزيز نهجها التوسعي، وكذلك فإن توريط أوروبا أكثر وأكثر في تلك الحرب بهدف إضعافها هو مصلحة أميركية أيضا لضمان استمرار التبعية الأوروبية للقرار الأميركي.
الناتو يستثمر الحرب لتعزيز وجوده العسكري على طول حدود الدول المنضوية تحت رايته، وباعتباره يشكل الذراع الإرهابية للولايات المتحدة، فإنه بذلك يحافظ على عقليته الاستعمارية التوسعية، وواشنطن تستفيد كثيراً من هذه العقلية لتوظيفها بخدمة مشاريعها التخريبية والتدميرية حول العالم، وعمليات ضخ الأسلحة غير المسبوقة من قبل دول الحلف لكييف، تعني أن الناتو بقيادة أميركا يتخذ من أوكرانيا قاعدة هجوم على روسيا، في إطار نزعته التوسعية عل حساب أمن الشعوب الأخرى.
الرغبة الأوروبية بحسم الوضع بأوكرانيا عسكرياً، تكذب كل مزاعم القادة والساسة الأوروبيين حول أحاديثهم عن ضرورة الحل السياسي، وهذا يفسر تراجع النظام الأوكراني عن كل تفاهم يتم التوصل إليه عبر المفاوضات مع الجانب الروسي، ما يعني أن أوروبا تحارب أي حل سياسي لا يصب في إطار المصلحة الأميركية، فهي ما زالت حتى الآن تابعاً ذليلاً للولايات المتحدة وتعمل على خدمة مصالحها، بدلا من وضع مصالح وأمن الأوروبيين فوق أي اعتبار.
روسيا تخوض الحرب لأن الغرب هو من فرضها بعد أن أوصد كل أبواب الدبلوماسية والحوار، ولا شك بأن موسكو قادرة على تحمل تبعات العقوبات والحصار الغربي، وكل المعطيات الميدانية والسياسية تؤكد أنها هي من سيربح بهذه الحرب، لأنها تحارب من أجل أمنها وسيادتها، وكذلك دفاعاً عن القانون الدولي الذي مزقته الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين، ولكن الشعب الأوكراني سيدرك عاجلاً بأنه كان وقوداً لهذه الحرب، وضحية لسياسة نظامه المتطرف، ولنزعة الإجرام لدى النازيين الجدد، الذين ينفذون أجندات أميركية وأوروبية، من دون الاكتراث بأمن المواطنين الأوكران.
نبض الحدث -ناصر منذر