الثورة – تحقيق – بشرى فوزي:
علاقة تجمع بين أعظم أركان العملية التعليمية الطالب والأستاذ المدرس فهما أساس نجاحها بل إنهما العنصر البشري الفاعل والمؤثر ضمن العناصر المكونة للعملية التربوية باعتبارها علاقة إنسانية فريدة وسامية حيث تتجاوز الزمان والمكان في أثرها وكل اضطراب في هذه العلاقة ينذر بفشل ذريع للعملية التربوية التعليمية وينعكس ذلك سلباً على مخرجات العملية التربوية ويضيّع قيمتها العظيمة.
*علاقة ود واحترام..
تؤكد “كنانة” مدرسة لمادة التاريخ لمرحلة التعليم الأساسي أنّه تجمعها بطلابها علاقة ود واحترام مشيرة إلى أنّ المسؤول عن نجاح هذه العلاقة هو الأستاذ حيث قالت في البداية حاولت جاهدة أن أكون قريبة من طلابي ببناء علاقة صداقة معهم وعاملتهم كأصدقاء ولم أتعامل معهم كطلاب وأستاذ مؤكدة أنها نجحت ببناء علاقة وطيدة معهم حتى أثرت في نتائج تحصيلهم الدراسي في جميع المواد وليس فقط في مادتها حسب قولها بل إنها تعاونت مع طلابها لتحسين مستوى طلاب كان مستواهم الدراسي متدنٍ معتمدة في ذلك على (مسايرة) الطلاب وتشجيعهم للوقوف إلى جانب زملائهم وحثهم على التعاون والمشاركة.
*علاقات معقدة..
تخالفها الرأي “هناء” معلمة صف وتؤكد أنّ الطلاب هم المسؤولون عن فشل هذه العلاقة حيث يفتقد الطالب والتلميذ إلى احترام معلمه معتمداً في ذلك على تشجيع أهله والمحيط على (قلة احترام معلمه) راميةَ اللوم بذلك على وزارة التربية التي همشت الأستاذ في جميع المراحل وقللت من هيبته أمام طلابه باعتبار أنّ للطالب كل الحق بكل ما يفعله ويقوم به عندما تقف في جميع قراراتها (السابقة) مع الطالب وليس مع المعلم.
*علاقة قائمة على الاحترام..
“علاء” مدرس لمادة الفيزياء للمرحلة الثانوية بين أنّ الغاية الأساسية هي عودة هيبة الأستاذ إلى المدارس والتي فقدها نتيجة التطور الذي اجتاح العالم والذي أثَّر على جميع نواحي الحياة وليس فقط على المدارس ومطالباً بنهضة حقيقية بالمعلم وقيمته التي باتت شبه مفقودة مؤكداً أنّه ليس مع الضرب أو استخدام الالفاظ المسيئة مشيراً إلى ضرورة التعاون بين الأسرة التي هي أساس المجتمع وبين وزارة التربية التي تمثل الجهة الراعية للمعلم والطالب.
*الحلقة الأضعف..
أما مدرسة اللغة العربية “رشا” فأكدت أنّ المعلم هو الخاسر الأكبر بجميع القرارات وتروي قصتها حيث تم نقلها من مدرسة إلى أخرى بعد معاناتها مع الطلاب الذين لم يحترموا العلم والمعلم حسب قولها حيث قالت كانت تجربتي صعبة وقاسية فقد تعرضت للأذى النفسي على أقل تقدير من طلاب إحدى المدارس مؤكدة أنها تعرضت لعقوبة النقل رغم التزامها بالدوام والدروس فقد قام الطلاب حسب قولها بوضع مادة لاصقة على كرسي المعلم وقاموا برمي الأوراق عليها والصراخ مضيفة لا يملك الأستاذ أي وسيلة لحماية نفسه فهو لا يستطيع إزعاج الطالب ولا معاقبته حيث يتوجه الأهل إلى الشكوى ويقفون إلى جانب الأبناء مقارنةً بين المدارس قديماً والآن حيث كان الطلاب يخجلون من النظر بعيون أساتذتهم وذلك عندما كان للمعلم هيبة حسب رأيها.
*المعلم فقد هيبته ..
“مريم” معلمة للصف الأول أكدت أن العلاقة سيئة للغاية بين الأستاذ والطالب واضعة اللوم بذلك على وزارة التربية التي ضحت بكرامة وهيبة المعلم وذلك بتوصيل فكرة للمجتمع ككل أن المعلم دائماً على خطأ والتلميذ على حق، وتابعت حديثها أنّ المعلم بات يتلقى تهديداً من الطلاب وأقل كلمة هي (سنتواجه غداً) وهي ترمي اللوم بكل شيء على قرارات سابقة لوزارة التربية التي لم تصن كرامتهم وتحفظها بل علمت الأهل والطلاب بضرورة مجادلة المعلم والشكوى عليه والتعالي عليه حتى بات المعلم يخاف من الطالب ويتحاشاه حتى لا يتعرض للرقابة والمحاسبة في كثير من الأوقات، مؤكدة أنّ هناك اختلال في قوانين المنظومة التربوية التي تجرد الأستاذ من سلطته وتنتصر للطالب دون الأخذ بالاعتبار بالنتائج التي تصدر عن ذلك والتي تضر بالدرجة الأولى بمصلحة الطالب والتلميذ معتبرة ذلك بمثابة تعنيف من قبل الطالب لأستاذه وذلك برأيها تجسيد حي لفشل المشروع التربوي.
*لا علاقة بين الطالب والأستاذ
كرم طالب في الثاني الثانوي أكد أنّ ما يشوب هذه العلاقة هو عدم وجودها أساساً مؤكداً أنّ الأستاذ يتعامل مع الطالب كحرف ناقص معتبراً إياه دون مستواه ولا يمكنه التعامل مع الطالب كصديق ومقرب بل علاقة أخذ وعطاء دون وجود الود والاحترام مؤكداً أن الأستاذ قدوة للطالب ويجب أن يدربه على ضرورة بناء علاقات إنسانية سليمة.
*لم يعد المصدر الوحيد..
اعتبرت “رنا” طالبة في الصف الثامن أنّ العلاقة ليست جيدة بين الطالب والأستاذ فهو لم يعد المصدر الوحيد للمعلومة حيث يتمكن الجميع من الوصول إلى المعرفة دون حاجتهم للأستاذ وقد تفوق الطرق الجديدة عبر الانترنت قدرات الأستاذ وإمكانياته مؤكدة أنها تستطيع الحصول على المعلومة وإعادة تكرارها مرات عدة بدون جهد وتعب معتمدة على برامج عبر الانترنت، مضيفة لا أحتاج إلى ترجي الأستاذ ليعيد الفقرة أو يشرحها.
*توفر المعاهد والدروس الخاصة..
يؤكد “سامر: طالب في الصف التاسع أنّ الحياة تطورت ولم يعد الأستاذ مصدر قلق أو خوف لدى الطالب مضيفاً كان أهلنا يحدثونا عن احترامهم لأساتذتهم وكيف كانوا يغيرون طريق سيرهم حتى لا يلتقي أحدهم بأستاذه مستغرباً من العلاقة التي كانت تجمع بينهما سابقاً وأضاف الآن البدائل موجودة ومتوفرة حيث يمكننا التسجيل شكلياً في إحدى المدارس العامة والحصول على تقارير طبية بعدم الدوام وبنفس الوقت الالتزام بمعهد خاص أو مدرسين في البيت حتى لا يضيع الوقت في المدرسة حيث طالب الأساتذة بضرورة التحرر من عقلية الرئيس والمرؤوس وبناء علاقات جيدة مع الطلاب للنهوض بالتعليم.
*التعاون يفجر طاقات هائلة..
تبين “إسراء” طالبة في الثالث الثانوي أنّ التعاون بين الطالب والأستاذ وبناء رابط سليم يفجر امكانات وطاقات هائلة لدى الطالب مؤكدة ضرورة التعامل بين الطرفين بروح المحبة والمودة حيث يجد الأستاذ نتائج أفضل من طلابه ويظهر ذلك من خلال تعلقهم بمواده وحصولهم على درجات عالية فيها مشيرة إلى ضرورة الحفاظ على قيمة المعلم العظيمة.
*علاقة جفاء وتوتر..
تقول “مرام” طالبة في الأول الثانوي العلاقة في غاية الجفاء والتوتر حيث لا يتورع بعض الأساتذة عن إسماع التلاميذ لعبارات مستقاة من قاموس مأخوذ من غابة الحيوانات مضيفة أن العنف اللفظي لا يقل سلبية عن العنف الجسدي الذي يتعرض له الطلاب من قبل بعض الأساتذة.
أمّا المرشدة الاجتماعية “غادة الهلال” فقد أكدت أن للمعلم قيمة سامية لا يمكن المساس بها مؤكدة أنّ العلاقة بين الطالب والأستاذ يجب أن تقوم على أسس سليمة حتى تعكس نتائج إيجابية على الرسالة التعليمية وإدراك الطالب لواجباته يعطي نتيجة صحيحة للعملية التعليمية وأضافت “الهلال” أن نجاح العلاقة بين الطالب والأستاذ يحتاج إلى حفظ مكانة المعلم واحترامه وصون كرامته داعية إلى اعتبار المعلم بمثابة الأب الذي يربي أولاده ويحب الخير لهم مؤكدة بنفس الوقت ضرورة اعتبار المعلم لطلابه بمثابة أصدقاء وبناء علاقة قوامها الحب والاحترام والإخلاص والمودة بما يعود بالنفع على الطرفين.
*التربية: ضمان سير العملية التعليمية..
وبخصوص رأي وزارة التربية فيما يخص العلاقة بين الطالب والأستاذ بينت مدير الإشراف التربوي في الوزارة “إيناس ميه” أنّ الوزارة تسعى إلى ضمان حسن سير العملية التعليمية باعتبارها المعلم ركيزة أساسية من ركائزها حيث تعمل الوزارة على تعزيز مكانة المعلم وجسدت ذلك من خلال احتفالية عيد المعلم لهذا العام وذلك من خلال لقاء السيد الرئيس بشار الأسد بالمعلمين تكريماً لهم وتقديراً لجهودهم، وأضافت ميه أنّ الوزارة تكرّم المعلمين المتميزين وتبرز دورهم في بناء جيل وطني يتطلع للمستقبل مؤكدةً أنّ الأنظمة والقوانين في وزارتي التربية والعدل ضمنت للمعلم مكانته المهنية الاجتماعية معتبرة أنّ هذه المكانة تعدّ من مقدسات العمل التربوي ولا يجوز المساس بها أو التعرض لها بأي شكل من الأشكال، وتابعت ميه أنّ الوزارة تقوم على حل كافة الإشكاليات الطارئة في العلاقة بين المعلم والمتعلم سواء أكانت سلوكية أم علمية وذلك بأساليب تربوية حديثة مضيفة أنه يتم حل المشاكل السلوكية عن طريق تقديم خدمات توجيهية و إرشادية للمتعلم من قبل المرشد النفسي والاجتماعي وبالتعاون مع إدارة المدرسة وذلك حسب كل حالة.
أمّا إذا كان المعلم متسبباً في الإشكالية يتم العمل على حلها من قبل إدارة المدرسة بشكل مباشر مؤكدة أهمية مجالس أولياء الأمور في إيجاد حلول للإشكاليات الطارئة في العلاقة بين الطالب والأستاذ.
وتضيف مدير الإشراف التربوي أنّ وزارة التربية تعمل من خلال المرشدين النفسيين والاجتماعيين على دراسة جميع الإشكاليات المعروضة عليهم وفق خطة منظمة وواضحة ومناقشة الإدارة المدرسية لتحديد الإشكاليات ودراسة آثارها ونتائجها النفسية وذلك لتقديم الخدمات الارشادية التوجيهية وفق الأولويات، إضافة إلى الطرائق والأساليب المساعدة وذلك بما لا يتعارض مع الخطة الدرسية من خلال خطة زمنية مرنة قابلة للتعديل وفق الحالات الطارئة وأضافت أنّ وزارة التربية قامت بالتعاون مع المنظمات الدولية بتدريب وتأهيل كوادر من المرشدين النفسيين والاجتماعيين والإدارات المدرسية لتحديد هذه الإشكاليات ولاسيما في ظل الظروف الصعبة والأزمات والدعم النفسي والاجتماعي في حالات الطوارئ والأزمات والصحة العقلية للمتعلمين وبما يسهم في إعداد كوادر وطنية تمتلك من الكفاءة والخبرات ما يؤهلها.
لإيجاد حلول لكافة المشكلات التي تعرض عليهم مع تقدير كل حالة بأبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية على كل من المعلم والمتعلم.