بات أمراً مهماً وضرورياً للغاية، وتفرضه الكثير من الظروف الصعبة والتحديات المختلفة لواقع اقتصادي واجتماعي صعب جداً، ونتائج حرب كونية وأزمة سببت الكثير من الخراب والدمار في البنى التحتية لمختلف قطاعات العمل، وتدني الإنتاج ومشقة استثمار الموارد لصعوبة تأمين المستلزمات المطلوبة، في ظل حصار جائر وضغوطات شتى.
إذ إن توجه الأنظار ولفت الانتباه للريف السوري بقراه الخيرة والمعطاءة على الدوام، عبر أرض وفلاح وسكان لم يركنوا قط لليأس والاستسلام رغم كل الصعاب في مراحل إنجاز مختلف المواسم الزراعية، حتى مع الكم الكبير من الأعباء والجهد لإتمام العمل، سواء مايتعلق بجانب التكاليف المادية الباهظة، أم لجهة المشقة والتعب، ليستمر العطاء ولو تدنت نسب الإنجاز، فهناك من ينتظر المواسم بجميع أشكالها ومسمياتها ليتأكد دور الأرض في التنمية والاقتصاد.
ويأتي في هذا الإطار إطلاق وزارة الزراعة أول مبادرة لقرية تنموية، في قرية قطرة الريحان في منطقة الغاب بمحافظة حماة، ضمن رؤية الوزارة لتنمية الريف انطلاقاً من الموارد المحلية الموجودة سواء الطبيعية من الأراضي والمياه أم البشرية، ودعم تسويق المنتج الريفي، واعتماد استراتيجية متكاملة لإقامة قرية تنموية بالتعاون مع المجتمع المحلي، عبر وضع دراسة وتقييم احتياجات السكان في القرية، والمشاريع التي يجب تنفيذها، ورؤيتهم للمشاريع التي تحتاج إلى إقراض أو دعم لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتنموي وغيره لسكان القرية.
فالمشاريع المنفذة في قطرة الريحان حملت تنوعاً لمجالات عدة في العمل، ورصد رغبات السكان للحصول على قروض عبر المصرف الزراعي لتأسيس مشاريع خاصة بالنساء، وزراعة الحدائق المنزلية، حيث تم اختيار القرية لتنفيذ المشاريع لما تتميز به من موارد زراعية بشقيها النباتي والحيواني، والحالة الاجتماعية المستقرة فيها، ورغبة سكانها للعمل في المشاريع.
وبانتظار الجدوى المرتقبة من هذه المشاريع، مهم جداً الأخذ بعين الاعتبار توسيع دائرة هكذا مبادرات تنموية لأهميتها، فهناك كثير من القرى في مختلف الأرياف تمتلك مقومات متكاملة تستحق أن تطلق فيها مبادرات أخرى مماثلة، تتكامل فيها جميع الأدوار من جهات حكومية ومجتمع محلي، بما يدعم إقامة مشاريع متناهية الصغر ودورها ليس في قطرة الريحان فحسب بل في قرى نموذجية أخرى تستحق الاهتمام والمتابعة، واستثمار مواردها كافة بالشكل الأمثل.
حديث الناس- مريم إبراهيم