في الأمثال والأقوال الشعبية التي لم تأت من فراغ بل تمثل عمق التجربة الحياتية والوجدانية فيها الكثير من العمق والحكمة التي علينا أن نستحصرها في هذه الظروف القاسية والصعبة التي فرضت علينا.
ولاسيما في الضائقة الاقتصادية التي تصيب الكثيرين منا وقلة أولئك الذين هم خارج المعاناة لكنهم موجودون.
عندما نكون أمام مواجهة ضائقة ما كثيراً ما نردد : بيت الضيق يتسع لمئة صديق وهذا ليس بالمعنى المادي وحده إنما المجازي يترجمه قول آخر: ما يكفي اثنين يكفي أربعة وهذا صحيح تماماً، في الواقع فلسنا ممن يعرفون الشح في تقديم الطعام أو اللباس أو الشراب بل ستجد _ أو كنت تجد _ على كل مائدة ما يكفي ضعف الموجودين من طعام وشراب ..ربما سيقول أحد ما إنه الكرم ونقول صحيح لكنه هدر وتبذير .. كثيرون يتباهون أنهم أعدوا موائد عامرة تكفي العشرات..ولكن هل هذا عمل صحيح حتى في سنوات الرخاء والوفرة ..؟.
لن نذهب إلى القول إنه تخريب وهدر للموارد التي هي حق للجميع ..صحيح أنك أنت من أعد ودفع الثمن لكن الصحيح أنك أخذت من طعام وحصة هذا أو ذاك وزدت الاستهلاك وبالتالي زاد الطلب وزاد السعر..
ألم يقل المثل الشعبي: على قد بساطك مد رجليك ..
نعم علينا إدارة مواردنا وفق الإمكانات في كل شيء ولا سيما الآن وكم نشعر بالحزن حين يتحدث مسؤول ما مثلاً عن أزمة بنزين وسيارته تحتاج إلى محطة وقود يومية ..أو من يدعو للاقتصاد في استخدام الطاقة الكهربائية خلال الساعة التي تأتي بعد انقطاع ست ساعات ..وهو يرى مصابيح الشوارع حيث هو تبقى لساعات في وهج النهار ..
وقس على ذلك الكثير …ذات يوم قال رئيس تحرير سابق لصحيفة الثورة هو أستاذنا أسعد عبود : داروا النعمة ..كم كان صادقاً …على شح ما لدينا نفعل ذلك ..وهذا ما يجب أن ينسحب على تلك الفئات التي تسمى مخملية فما يداريه ويصونه يبدده آخرون بساعات.
. لن نقدم شواهد من تلك الحكايا التي تروى عن غرامات دفعها أباطرة الهدر العرب في مطاعم الغرب..
..تعرفونها …لكننا نتوق لأن نكون جميعاً على الأقل متقاربين في معاناة الشح وإن كان هذا حلم ذاك بالجنة …لكنها أمنيات…داروا النعم فإنها لا تدوم ..وصدق من قال:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق..
معاً على الطريق -ديب علي حسن