يصادف غداً اليوم العالمي لحماية الملكية الفكرية الذي اعتمدته الأمم المتحدة كيوم للحفاظ على الحقوق الفكرية والأدبية والثقافية والاختراعات وتسجيل براءات خاصة فيها، وذلك ضمن إجراءات وضوابط يمكن من خلالها الحفاظ على حقوق الدول والمجتمعات والأفراد على السواء، وأنشأت المنظمة المعروفة اختصاراً باسم ( وايبو) لتعمل على تنظيم تلك الحقوق الخاضعة لتنازلات وخلافات نتيجة الادعاءات المتبادلة والمختلفة.
وقد شهد العالم الآلاف من الندوات والمؤتمرات وورشات العمل الخاصة بالحقوق الفكرية وصولاً إلى الأصول الوراثية للنباتات والحيوانات والعادات والتقاليد والأزياء الشعبية الفلكلورية والأطعمة إضافة إلى الحقوق الأساسية للاختراعات والاكتشافات والنصوص الأدبية والفكرية والفنية ومنها الأعمال السينمائية والتلفزيونية وغيرها ، وبقي الأمر مجالاً لجدالات وخلافات ومواقف لم تنته ولن تنتهي باتفاق .
وببساطة لم تلتزم المجتمعات والدول كثيراً بتلك الضوابط والمعايير التي كانت المؤتمرات واللقاءات الدولية تعتمدها كمؤشرات استرشادية في تعاملاتها وظلّ الباب مفتوحاً على خلافات لا تتوقف.
واليوم ثمة خلافات بشأن مسلسل تلفزيوني تتقاذف فيه أطراف متباعدة حقوقه الفكرية في ظلّ نجاح العرض ووجود متابعة جماهيرية كبيرة له ، فنستذكر أن النجاح له ألف أب ، فيما تبقى الهزيمة يتيمة دوماً ، الأمر الذي يعيد النقاش بشأن التشابه والتداخل في الأفكار والنصوص وهل الفكرة المجردة تكون حكراًعلى شخص بعينه أم أنها مشاع للعامة؟
قالها أديبنا وفيلسوفنا العربي الكبير أبو عمرو عثمان الجاحظ قبل ألف عام ومضى: إن المعاني مطروحة في الطرقات، في تعبير اتساع دائرة التفكير لتشابه الخيارات وتلتقي عند الفكرة وإنما يتم تناولها بطرائق وأساليب وتعبيرات خاصة ، وهذا الأمر مؤكد في تشابه وربما تطابق النظرة لواقع أو حال معين ، فيكون التقارب في التوصيف ، وفي استعراض لأهم الروايات والقصص العربية والعالمية نجد بيئات متناغمة لتلك الأعمال الروائية لا تعني بالضرورة سرقة أحدهم لفكرة الآخر ، إضافة إلى التاثير المتبادل الذي يحكم آليات التطور البشري .
ولا يقتصر الأمر على هذا الجانب فربما كان التدخل اليوم في المحتوى الرقمي الموجود تابعاً لمالك محدد ومعروف يمثل قمة الاعتداء على الملكية الفكرية الخاصة، فأن يدخل شخص ما على نص رقمي ويقوم بتشويهه أو سرقته أو العبث به ، فإنه يعكس حالة الاعتداء التي نقصد ، فتكون عندها ثابتة وموصوفة ، وهو ما يفترض التعامل معه بحزم على المستوى الشخصي والفردي، وربما كان القانون رقم (٢٠) الصادر مؤخراً المتعلق بالجرائم الالكترونية يمثل في جانب مهم منه هذا الرد على تلك التجاوزات والجرائم التي يكون الفضاء الالكتروني مجالها التنفيذي ، وهو يعد محاولة جادة لتجاوز مطبات وأخطاء قانونية ونقص في التشريعات الناجمة عن عدم وجود مثل هذه النشاطات في فترة سابقة ، إضافة إلى فترة دراسة ومراجعة لتطبيق القانون لقرابة عشر سنوات والوقوف على التنفيذ وما يعترضه من نواقص ومعطيات يمكن تجاوزها في القانون الجديد.
والعبرة تبقى في القدرة على الوصول إلى الجاني أو المجرم الذي استطاع اختراق خصوصيات الغير وأمعن فيها تشويهاً وإساءة.