استطاعت الدراما السورية في موسمها الحالي أن تنتزع مكانتها من جديد وسط التنافسات العربية العديدة، وبأبطالها المحليين، لتثبت في كلّ مرة أنها قادرة أن تنهض بأعمالها إن كان على صعيد الأعمال الاجتماعية أو التاريخية أو حتى على صعيد الكوميديا، لتكون حاضرة على الساحة الفنية، يتلقفها المشاهد العربي والمحلي على حدٍّ سواء، وخصوصاً بعد أن كانت ضيفاً محبباً لدى الجمهور العربي ولسنوات طويلة.
ومهما قيل عن تفاوت الأعمال في موسمها الحالي، وتفوق بعض الأعمال التي حظيت بالمتابعة الكبيرة من قبل الجمهور، دون الالتفات إلى الأعمال الأخرى، فهذا بالطبع لا يقلل من شأن الأعمال بشكّل عام، بل هي سنة الدراما في هذا التفاوت يساهم في ذلك ربما النص، أو الممثل النجم، أو المزاج العام للجمهور المتابع.
ولكن هنا يجب أن نتوقف عند نقاط عدّة كنا نتمنى أن يلتفت إليها صناع الدراما، وهي أنه يجب أن نقدّم دراما تستمد مادتها من الواقع السوري، فلسنا في هوليود لنقدّم هذه الوجبة من العنف والفساد والتحلل الأخلاقي، ولا أدعي أننا في المدينة الفاضلة، ولكن هناك صفحات مشرقة في مجتمعاتنا، لماذا تغيب عن كتابنا وعن صانعي الدراما؟
والأمر الآخر، إننا ندرك هذا الصراع بين رأس المال والسوق الإنتاجي وبين الثقافة والفكرة، ولكن يجب ألا يطغى هذا على جميع الأعمال الدرامية ليكون الهاجس الأول هو إيجاد سوق رائجة للأعمال على حساب تشويه ذائقة المشاهد والمجتمع في الآن نفسه.
وحتى لا نجنح نحو ظلم الدراما فيما تقدّمه، لابدّ من أن نشيد بالفنان السوري الذي يتفوق على نفسه في كلّ عملٍ جديدٍ يقوم به، وكأنه كنز لا ينضب، ونضيف على ذلك تلك المواهب الشابة التي استطاعت أن تثبت حضورها في هذا الموسم وكانت جديرة بإعطائها هذه الفرصة لما تملكه من كفاءات تسجل لها.
جهود مباركة لمبدعي الدراما السورية وصنّاعها، وما نأمله نتاج سوري .. سوري .. بامتياز.