مرّت بالأمس الذكرى السابعة بعد المئة للمجازر الوحشية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية البائدة بحق الشعب الأرمني، حيث تؤكد مصادر ووثائق الحرب العالمية الأولى أن أكثر من مليون ونصف المليون أرمني تعرضوا للإبادة الجماعية على أيدي جنود السلطنة، فيما تم تشريد مئات آلاف الأرمن في ترانسفير وحشي وعملية تطهير عرقية لم يشهد لهما التاريخ الحديث مثيلاً، وهو ما أقرته واعترفت به الأمم المتحدة والعديد من دول العالم.
في الواقع لم يكن الشعب الأرمني هو الشعب الوحيد الذي تعرض لمجازر مروعة على يد العثمانيين، بل إن المجازر طالت أيضاً جميع الشعوب التي رزحت تحت حكم السلطنة بما فيها الشعوب الأوروبية، وقد نال السوريون نصيباً وافراً منها منذ أن وطأة جحافل الإنكشارية المتخلفة سورية بداية القرن السادس عشر، وقد استمرت هذه المجازر نحو أربعة قرون وانتهت بمجزرة رهيبة بحق خيرة مناضلي ومثقفي وأحرار سورية ولبنان الذين علقهم جمال باشا السفاح على أعواد المشانق في الخامس والسادس من أيار عام 1916.
الغريب والمستهجن أن تركيا الحالية وريثة السلطنة المتوحشة ما تزال تصر على إنكار هذه المجازر وترفض الاعتراف بها وتحاول التنصل من مسؤوليتها عنها كيلا تقوم بالتعويض على ذوي الضحايا أو تسمح بعودتهم إلى القرى والبلدات التي هُجّر أجدادهم منها بقوة الحديد والنار، ولكن ذلك لا يعفي النظام المجرم في تركيا من المسؤولية، بل ستظل شبح هذه المجازر وعذابات الضحايا تلاحق أحفاد القتلة أبد الدهر.
وربما الأكثر غرابة واستهجاناً أن من يحكمون تركيا اليوم من حزب العدالة والتنمية يباهون بإرثهم العثماني البغيض ويفاخرون به ولا يخجلون منه قط، وكأنه ماض تليد ومشرف، وقد أثبتت سنوات الحرب الإرهابية القاسية على سورية، أن نظام أردوغان الأخواني الفاشي لا يقل إجراماً وعنصرية وإرهاباً عن أسلافه المقبورين، إذ لا يكاد يمر يوم دون جرائم ترتكبها قواته المحتلة بحق أبناء سورية، فيما تتم رعاية ودعم المرتزقة والإرهابيين والقتلة في سورية من قبل استخباراته وحكومته بشكل مباشر وعلني وتحت أعين المجتمع الدولي المتنصل من مسؤولياته ودوره.