الثورة – نوار حيدر:
في عدد جديد مزدوج من مجلة الآداب العالمية الفصلية (١٨٩-١٩٠) الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب تناولت جملة من الدراسات والمواضيع التي بحثت في الأدب العالمي والفن التشكيلي والأدب المقارن نضيء على بعض ما جاء فيها:
كتب د. جهاد طاهر بكفلوني في افتتاحية العدد بعنوان ” شكراً لكل قلم حمل أطياب الفكر” تقرأ عملاً يشدك إليه بمغناطيس لا تملك فكاً من جاذبيته، ثم يفسد عليك أحد النقاد لذة استمتاعك عندما يتشدق قائلاً: لقد سرقه من فلان، وقد يكون هذا الفلان من أمة لا يتقن أبناؤها لسان الضاد الذي يجمعنا بغسان وعدنان. تطالع الملحمة الشعرية العظيمة ( الكوميديا الإلهية) للشاعر الإيطالي المجيد (دانتي) تستمتع بهذا الخيال الخصب لكن حذار أن تقول: لقد سرق فكرها ومعانيها من شيخ المعرة أبي العلاء صاحب ( رسالة الغفران).
ختم د. بكفلوني شكراً لكل قلم حمل أطياب الفكر، ونقلها من حديقة أمة إلى حديقة أمة أخرى لننعم بأنفاسها الزكية…
وتحت عنوان ” القصة القصيرة في الأدبين العربي والتركي : النشأة والتطور” كتب أحمد سليمان الإبراهيم.. هناك تشابه كبير بين الأدبين العربي والتركي في نشوء القصة وفي التطوير، فكلا الأدبين مرّا بالأطوار ذاتها الترجمة، ومن ثم الاقتباس، وبعد ذلك البدء بكتابة القصة القصيرة بمعناها الحديث، بعد عهود طويلة من الجمود الذي فرضته السلطنة العثمانية على شعوب المنطقة وبعد أن وقعت في العجز تجاه الأمم الأوروبية التي بدأت نهضتها بالاعتماد على العلم وبعد عصر التنوير بدأ محمد باشا في مصر أولاً وبعد ذلك تبعته السلطنة العثمانية بإرسال الطلبة إلى الغرب ما عجل في البدء بحركة الترجمة.
فيما كتب د . أحمد محمد علي في علامات فارقة بين “غفران” المعري و”ملهاة “دانتي أن ثمة فرقاً شاسعاً بين عوالم الغفران وعالم الملهاة تخضع لاشتراطات الخلاف الجوهري بين الشاعرين، فالمعري في الغفران كان واقعاً تحت سيطرة التفكير العقلي، لهذا امتزج خطابه بالنقد والسخرية، والغفران تمثل مرحلة ما في تاريخ الفكر العربي قبل أن تكون نتاجاً فكرياً ممتعاً ، لذا فالخطاب كان حراً انتقادياً نجم من التأمل للتخلص من السلطة الاجتماعية القهرية.
أما دانتي فيمثل في تفكيره الجانب الصوفي الذي فرضته عليه تصورات عقائدية سادت في القرون الوسطى، وكتابة الملهاة نتاح بيئة لاهوتية منكمشة فهو في كتاباته لم يستطع الانفصال عن بيئته ولم يستطع من ثم انتقادها.
وتحت عنوان “مقارنة من الشرق يثورون بالدرس المقارن للأدب في الغرب ” تحدث د. عبد النبي اصطيف عن ثلاثة أعلام من أبرز منظري الدرس المقارن للأدب في العالم كانوا وراء التغيرات الجذرية التي شهدها هذا الدرس في العقود الخمسة الأخيرة والتي حولته إلى درس تسوده نزعة المركزية الغربية وهم العربي الفلسطيني إدوارد سعيد والهندية البنغالية شاكرا فورتي سبيفاك والصينية المنحدرة من أسرة مسلمة راي تشو .
جاء المقارنون الثلاثة من خارج العالم الغربي، وكانوا يؤمنون بأن الإنسان واحد، وفنه واحد، وأدبه واحد، وشفعوا إيمانهم العميق بإنسانية الإنسان، أينما كان، وأيا كان، بالتزامهم العميق بمناهضة الظلم أينما كان، خاصة وأنهم شهدوا مظاهر صارخة منه في بلدانهم الأصلية.
التالي