الثورة – أيمن حرفي:
كتب شهداء هذا الوطن تاريخا مجيدا يسطر بأحرف من ذهب عندما نال الاستقلال و تحقق الجلاء، و حديثاً عندما طرد كل طامع بهذه الأرض الأبية..
و مشاعل النور توجهت إلى أعواد المشانق تسخر منها، و استقبل الأحرار مشانقهم و هم ينشدون أبيات الشاعر عمر حمد:
نحن أبناء الألى… شادوا مجداً و علا
نسل قحطان الأبي… جد كل العرب
ووقف الشعراء موقف الفخر بهؤلاء الأبطال و هم يعانقون أعواد المشانق بكل عزة و أنفة ليرسموا مستقبلاً مشرقاً لغيرهم، و أرخ الشعر ملامح النصر و بطولات العز و الكرامة بمفردات شعرية حماسية، فكان الشعر شاهد عصره.. الشاعر الكبير سليمان العيسى رأى في انتصاراتنا تسطيراً للمجد بيد الشهداء فقال:
ناداهم البرق فاجتازوا و انهمروا عند الشهيد تلاقى الله و البشر
ويقول في أبيات أخرى:
دم الشهداء ينبت في ربانا قناديلا يضيء بها النضال
دم الشهداء يا أقلام هذا مداد المبدعين
و يا خيال نموت لتظهر الأجيال فينا
و تحدث الشاعر الكبير عمر ابو ريشة عن بطولات الشهيد فرأى أن الشهداء نسور تعانق المجد:
يا دماء النسور تجري سخاء بقرام البطولة الفضاح
أنبني العز سرحة يتفيأ بأظاليلها شتيت النواحي
ويقول في أبيات أخرى:
لن ترى حفنة رمل فوقها لم تعطر بدم حر أبي
اما الشاعر أحمد شوقي فرأى الشهداء و هم نسور تعانق المجد فقال:
دم الثوار تعرفه فرنسا و تعلم أنه نور وحق
و للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
أما الشاعر الدكتور صابر فلحوط فيرى أن مجد الأمة و بعثها يتحقق بالذود عن الوطن و عن كرامتنا و عن حرماتنا.. فرثى أحد الشهداء الأبطال الذي استشهد و هو يهوي بطائرته على الأعداء يعيد ما فعله جول جمال و يبلِّغ الأعداء بأننا شعب نهوى الموت كما الحياة فأما عيش يسر الصديق أو الموت يغيظ العدا فيقول:
يا أنت يا رفيقنا الشجاع.. ياكمال يا نخوة الرجال في موقد النضال يا دمك الهدار كالقدر
يقول للدموع:
أن قفي تجففي… تجمدي… توقدي… تحجري… تفجري لهب مشيئة النضال أن نموت لتبعثي يا أمة العرب
هذا هو حال الشاعر يستشعر آلام أمته، يصف حالهم، و يعبر عن مشاعرهم فالشهداء و الشهادة صفحات مجد و مكرمات تروى على مدى الأيام
و لم ينس الشاعر محمد مهدي الجواهري توجيه التحية إلى الشهيد فقال:
يوم الشهيد تحية و سلام بك النضال تؤرخ الأعلام
بك و الضحايا العزيز هو شامخا علم الحساب و تفخر الأقلام
و يقول في أبيات أخرى:
جل الشهيد كأن الله جسده نورا تقاربت في الجنة النار
و في الدار ايثارا و تضحية و في ذرا الخلد جنات و أنهار هناك حيث يحول الخلد سندسه أما الذي حاكت به الدنيا أطمار
و يبكي الشعر فارس الخوري شهداء السادس من أيار معدداً مناقبهم الوطنية:
أبكي و معذرة عيني إذا ذرفت على النطاريف منها و الاساطين
بيض الصحائف ما هانوا و لا عذروا أنقى و أطهر من زهر البساتين
و هذا الشاعر القروي يهدي الشهداء السلام قائلاً:
خير المطالع تسليم على الشهدا أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا
فلتنحني الهام إجلالا و مكرمة لكل حر عن الأوطان مات فدى
و يذكرنا الشاعر خليل مردم بك بالبطل يوسف العظمة فهاهو يناديه على روابي ميسلون: أيوسف و الضحايا اليوم كثر ليهنك كنت أول من بداها فديتك قائدأ حياً و ميتاُ وضعت لكل مكرمة لواها فيالك راقداً نبهت شعباً و أيقظت النواظر من كراها
و لأن الشهيد روى تراب الوطن بدمه فهذه الأرض باقية و لن تنساه، و هنا يعبر الشعر بدر الدين الحامد عن ذلك فيقول: لو تنطق الأرض قالت: إنني جدث في الميادين آساد الحمر ناموا.
و سيبقى الشهيد يمثل أعلى قيم التضخية و الفداء و الذود عن الوطن مسطرا أروع نماذج البذل و العطاء، راسماً طريق الحرية و كاتبا طريق المجد.