الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
“هذه القصص ، عشت بعضها، وسمعت بعضها الآخر !!
من وحي قصص الحرب على سورية ، تنضح بالمأساة، حيث جرائم العصابات الإرهابية ضد البشر والحجر، ولكنها أيضا وهو المهم تعبير حي عن الصمود الأسطوري للسوريين الذين كتبوا بالدم ملحمة الانتصار على الإرهاب..!!” بهذه الكلمات قدم الأديب عيسى إسماعيل مجموعته القصصية “إجازة ليوم واحد” التي ضمت خمس عشرة قصة قصيرة، حملنا من خلالها لنعيش أحداثا عاصرها كل من يقطن مدينة حمص، تميزت المجموعة القصصية بأسلوبها السلس وكلماتها البسيطة لتصل لكل قارئ مهما كان مستواه الثقافي، وتحاكي ذاكرة كل من عاش هذه المرحلة.
سنقف على بعض قصص المجموعة لنلمس في قصة “حفل عشاء” تفاصيل بداية الحرب على سورية، وكيف انقسم الشارع بين مؤيد ومعارض، في المنزل الواحد، وأجرى مقارنة بين المعارض الوطني والمعارض الذي اشتراه الخارج بأمواله العفنة وربط الأحداث بأسماء أماكن، وذكر أحداثا حدثت في الواقع كنوع من التوثيق لمرحلة زمنية معينة ..
أما قصة “القلعة جارتنا” فيصف من خلالها معاناة الذين هجّرهم الإرهاب من مدنهم، ويصور لنا لوحات وصورا عن ما عانوه من ألم ومرارة وذل من قبل الإرهابيين، ثم في المخيمات لاحقاً، بأسلوب توثيقي أكثر منه قصصي حيث إن المعاصر لتلك الفترة تقفز لذاكرته تلك التفاصيل..
أما “العناق الأخير” فهي قصة تلخص العديد من قصص اغتيالات يندى لها الجبين لمثقفي وعقول سورية، كان لها دور فاعل في بناء سورية..
لن ينسى أهالي حمص تفجير مدرسة “عكرمة المخزومي” الابتدائية مهما طال الزمن لحجم وحشيته، فيلتقط الأديب “إسماعيل” صورا حيّة ولوحات من الحادثة من خلال قصة “أبو عبدو الساعاتي” فيصور هول الحدث والمشاهد الوحشية التي طبعت في الذاكرة من تناثر أشلاء الأطفال في كل مكان، وتراكض الناس بطريقة هستيرية للبحث عن أبنائهم في الطرقات والمشافي، ويصف موت ابن الساعاتي “عبد” الوحيد لذويه على ثلاث بنات..
حملت قصة “زغاريد رمزية” ذكريات الماضي والطفولة وصوت زغردة رمزية المرتبط بالأفراح والأعراس لتعلق بذهنه الطفلي أوصافها، وزفافها على شاب من القرية المجاورة، ليشير الكاتب لحجم فضول وبراءة أسئلة الأطفال، عارضاً طقوس الزواج في الريف، وينتقل للحاضر بقفزة في الزمن، فنرى “رمزية” وهي عجوز مكلومة باستشهاد ابنها الشاب الذي لم يُضعف روحها الوطنية ورغبتها بتقديم ولديها الآخرين..
فنرى الكاتب في قصة “موعد على الغداء” يقف موقف المنصف الذي يقف على الحياد ليعبر عن آراء كل من الأطراف ومن ضمنهم الذين جروا قسراً للحرب وهم يعشقون الوطن ويضحون بكل ما هو نفيس للحفاظ عليه، برغم وجودهم في بيئة حاضنة للإرهاب، يفرون من منازلهم خوفاً من إرهابهم، ليلون الألم بالحب والفرح القادم..
تميزت المجموعة القصصية ” إجازة ليوم واحد” بالإيجاز بالسرد عبر القفز بين الأحداث للتهرب من الحشو والسرد المبالغ فيه ، ليصب ذلك في مصلحة التكثيف والجذب، مختتماً قصصه دائماً بنفحات توحي بالأمل وبأن الغد أجمل.
السابق