“لوحة تحت الرماد”.. تنبش الذاكرة الحلبية وتعيد تشكيل الإنسان

الثورة – رانيا حكمت صقر:

في عالمٍ تملؤه الحروب التي تمزّق أوصال المجتمعات وتدمّر حيوات الأبرياء، تأتي رواية “لوحة تحت الرماد” للكاتب باسل خليل، كمرآة صادقة تعكس بأسلوب سردي إنساني عميق، أثرت الحرب في العلاقات الإنسانية، ولاسيّما في ظل مأساة الحرب في مدينة حلب.

تبحر الرواية في تفاصيل مآلات عائلة حلبية وجيرانهم وأصدقائهم، لتطرح رؤى موضوعية عن النزاع الدامي دون انحياز، مرتكزة على واقعية اجتماعية متشابكة بين الحقيقة والخيال، محققة توازناً مدهشاً يجعل القارئ يعيش الأحداث ويشارك الشخصيات معاناتها اليومية.

لوحة تخفي لغماً إنسانياً

يقول الكاتب باسل خليل في حديثه لـ”الثورة”: تحكي رواية لوحة تحت الرماد قصة عائلة حلبية تعرّض بيتها لصاروخ في حيّ شعبي، فاضطرت إلى ترك منزلها والانتقال إلى حيّ أكثر أمناً ورقياً، غير أن القدر كان ينتظرها بـ”لغمٍ” مجازي مخبأ تحت لوحة معلّقة، لتبدأ رحلة التفكك وفقدان التماسك الأسري.

وأوضح أن الرواية تتناول تفاصيل حياة نبيل منصور وزوجته نوال الموظفة في البنك، التي تستأثر بما وجدته في خزانة مخفية بجدار المنزل المستأجر، وتقوم بشراء أثاث جديد دون علم زوجها، ما يسبب توتراً ومشكلة صحية له، ويقوده نحو قرارات مصيرية تهزّ علاقتهما الزوجية.

وأضاف: تتابع الرواية أيضاً علاقة الحب المأساوية بين سمر وفادي، إذ يصرّ فادي على أداء الخدمة العسكرية رغم توسلات سمر بالهرب والنجاة، بدعوى أن «أسوأ ما في الحرب أنها تحوّلنا إلى قاتل أو قتيل». وتنتهي العلاقة بفاجعة مؤلمة تعكس مرارة الحروب وما تخلّفه من دمارٍ إنسانيّ ونفسيّ.

وجوه الحرب

ولفتت إلى أن الرواية لم تغفل الشخصيات الطفيلية التي تستغل أزمات الحرب لتحقيق مصالحها الشخصية بوسائل متملقة ومخادعة، ويبرز ذلك جلياً في شخصية ماهر مكتبي، الذي تنشأ بينه وبين نوال علاقة إعجاب تحمل في طياتها مآسي وانكسارات نفسية، حيث تطرح الرواية أسئلة عميقة حول الغيرة والملل والتعب العاطفي في العلاقات الإنسانية.

بحث عن خلق وسط الفناء

الرواية الصادرة عن دار داراستانبولي ومكتبة منهل القرّاء، تحمل عنواناً ذا دلالات رمزية عميقة، فاللوحة تمثل الخلق والحياة بألوانها الحية، أما الرماد فيرمز إلى الفناء والتلاشي، ليصبح العنوان تعبيراً عن الصراع الأبدي بين إرادة الإنسان في الحياة وقسوة الحرب التي تدمّر كل معنى للجمال والاستمرار.

تتميّز الرواية بموضوعيتها العالية في تناول مآلات الحرب السورية، إذ تغوص في تداعياتها المدمّرة دون تبنّي مواقف أيديولوجية أو انحيازٍ لأي طرف.

يتعامل الكاتب مع جميع شخصياته بإنسانية وواقعية وفق ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الخاصة، فلا يبرّر أخطاء أحد، بل يكشف ويُعرّي المآلات بصدقٍ وألمٍ عميق.

بين الحقيقة والخيال

يمزج خليل بين الحقيقة والخيال في السرد بشكل متقن، مستنداً إلى أحداث واقعية مثل صاروخٍ أصاب بيته وبعض الوقائع المتصلة بحياته الوظيفية، ما يجعل من الصعب على القارئ التمييز بين الواقع والمتخيل، ويمنح النص عمقاً خاصاً يلامس حدود السيرة الذاتية دون أن يقع في فخّها.

الكاتب باسل خليل يقول: اخترت الراوي العليم لأحافظ على صدق التجربة وإن التحدي الأكبر الذي واجهه كان اختيار التقنية السردية الملائمة لجذب القارئ، فاختار استخدام ضمير الغائب والراوي العليم بكافة تفاصيل الشخصيات، مع توظيف اللهجة العامية في حوارات معظم الشخصيات لتقريب النص من الواقع، مقابل اعتماد العربية الفصحى في حوارات الشخصيات الجامعية والمثقفة.

مشروع روائي قادم

يستعد الكاتب حالياً لإصدار روايته الجديدة، وهي عملٌ ضخم يتناول بدايات الثورة السورية وتشظّيها إلى تيارات متعددة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، في إطار درامي اجتماعي مشوّق، مؤكداً أن نشر هذا العمل في زمن النظام السابق كان مستحيلاً خوفاً من الاعتقال.

آخر الأخبار
التنمر ضد الطلاب في المدارس.. تأثيراته النفسية والاجتماعية والأكاديمية الشؤون المدنية تواصل تطوير خدماتها في حلب وريفها حياة الركاب في مهبّ الريح.. تدهور واقع النقل العام في حلب الفروج يحلّق بأسعاره.. مطالب ملحة لدعم القطاع قبل فوات الآوان تفعيل خدمة "غير محكوم" في مراكز خدمة المواطن بدمشق أسعار المحروقات تثقل كاهل المواطن وتعمّق الأعباء المعيشية "رحمة بلا حدود".. تؤهل آلاف المقاعد و9 مدارس في درعا غياب المنظومة المصرفية الاستثمارية يعطل نمو الاقتصاد احتياجات ملحة لدعم قطاع سيدات الأعمال.. لتمكين اقتصادي حقيقي التدريب الفندقي.. من التعليم الافتراضي إلى سوق العمل من دمشق.. ريادة النقل الرقمي تسرد قصص نجاح ملهمة الكلمة الطيبة تصنع الفارق.. كيف يغيّر التقدير الصادق بيئة العمل؟ اختراع سوري..جهاز يعالج الخيوط بحبر الغرافين الناقل للكهرباء "حبة دوا".. مبادرة إنسانية تنقذ آلاف المرضى لقاح الحصبة.. الوقاية خير من العلاج بين الركام والنقل.. فرص الاقتصاد الضائعة بين الأنقاض! الجرح الذي لا يُرى.. أزمة الصحة النفسية في سوريا بعد الحرب مديرة تضرب الطلاب بعنف والوزارة تستفيق بعد انتشار فيديو الفضيحة! أهالٍ من معرة حرمة يرممون شبكات الصرف الصحي منظمة الدول التركية تؤكد دعمها لوحدة سوريا واستقرارها